الله عزوجل ولا قرآنا فمثبت أن ليس هو القرآن ولا هو كلام الله إلا العبارة المسموعة فقط ، والكلام المقروء والخط المكتوب في المصحف بلا شك ، إذ لم يبق غير ذلك أو الكفر وتكذيب الله تعالى ، وتكذيب رسول الله صلىاللهعليهوسلم في أن القرآن أنزل عليه ، وأننا نسمع كلام الله؟ فأوهمتم الضعفاء أن الذي هو كلام الله والقرآن عند جميع أهل الإسلام ليس هو القرآن ولا هو كلام الله ، ثم أوهمتموهم باستخفافكم أن حركات المتحركين وذات الجنة وذات النار ، هي كلام الله تعالى ، وهي القرآن ، فهل في الضلال والسخرية بضعفة المسلمين والهزء بآيات الله تعالى أكثر من هذا؟ ولقد أخبرني «عليّ بن حمزة المرادي الصقلي» الصوفي أنه رأى بعض الأشعرية يبطح المصحف برجله قال فأكبرت ذلك وقلت له : ويحك هكذا تصنع بالمصحف وفيه كلام الله تعالى؟ فقال لي : ويلك والله ما فيه إلا السخام والسواد ، وأما كلام الله فلا. ونحو هذا من القول الذي هذا معناه. وكتب إليّ «أبو المرجى بن ندما المصري» أن بعض ثقات أهل مصر أخبره من طلاب السنن أن رجلا من الأشعرية قال له مشافهة : على من يقول إن الله تعالى قال قل هو الله أحد الله الصمد ، ألف لعنة.
قال أبو محمد : بل على من يقول إن الله عزوجل لم يقلها ألف ألف لعنة تترى ، وعلى من ينكر أننا نسمع كلام الله ونقرأ كلام الله ونحفظ كلام الله ونكتب كلام الله ألف ألف لعنة تترى من الله عزوجل ، فإن قول هذه الفرقة في هذه المسألة نهاية الكفر بالله تعالى ، ومخالفة للقرآن والنبي صلىاللهعليهوسلم ، ومخالفة جميع أهل الإسلام قبل حدوث هذه الطائفة الملعونة.
قال أبو محمد : وقالت الأشعرية كلها إن الله تعالى لم يزل قائلا لكل ما خلق أو يخلق من المستأنف كن ، إلا أن الأشياء لم تكن إلا حين كونها. وهذا تكذيب منهم مكشوف لله عزوجل إذ يقول (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [سورة يس : ٨٢] فبين الله تعالى أنه لا يقول للشيء كن إلا إذا أراد تكوينه ، وأنه إذا قال له (كُنْ) كان الشيء في الوقت بلا مهلة ، لأن هذا هو مقتضى الفاء في لغة العرب التي بها نزل القرآن ، فجمعوا إلى تكذيب الله عزوجل في خبريه جميعا إيجاب أزلية العالم ، لأن الله تعالى إذا كان لم يزل قائلا لما يكون (كُنْ) فإن التكوين لم يزل وهذه دهرية محضة ، ثم قال السّمناني بعد أسطر : لأنه لو وجب وجود ما وجد في الوقت الذي وجد فيه لأجل قول الله تعالى : (كُنْ) لوجب أن يوجد لأجل قول غيره له (كُنْ) لأن صفة الاقتضاء لا تختلف في ذلك بين القديم والمحدث.
قال أبو محمد : هذا نص كلام هذا الفاسق الملحد حرفا حرفا ، وهذا كفر