فيعذبه ، ويضربه ، ويعطشه ويجيعه ، على أن روح أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فيه ، فاعجبوا لهذا الحمق الذي لا نظير له. وما الذي خص هذا البغل الشقي والحمار المسكين بنقله الروح إليه دون سائر البغال والحمير؟ وكذلك يفعلون بالعنز على أنّ روح أم المؤمنين رضي الله عنها فيها.
وجمهور متكلميهم كهشام بن الحكم الكوفي ، وتلميذه أبي علي الصّكاك (١) ، وغيرهما يقول بأن علم الله تعالى محدث ، وأنه لم يكن يعلم شيئا حتى أحدث لنفسه علما ، وهذا كفر صريح ، وقد قال هشام هذا في حين مناظرته لأبي الهذيل العلاف : إنّ ربه سبعة أشبار بشبر نفسه ، وهذا كفر صحيح.
وكان داود الجواربي من كبار متكلميهم ، يزعم أن ربه لحم ودم ، على صورة الإنسان.
ولا يختلفون في أن الشمس ردّت على عليّ بن أبي طالب مرتين ، أفيكون في صفاقة الوجه ، وصلابة الخدّ ، وعدم الحياء ، والجرأة على الكذب أكثر من هذا على قرب العهد وكثرة الخلق؟
وطائفة منهم تقول : إنّ الله تعالى يريد الشيء ويعزم عليه ، ثم يبدو له فلا يفعله ، وهذا مشهور للكيسانية ، ومن الإمامية من يجيز نكاح تسع نسوة. ومنهم من يحرّم الكرنب ، لأنه إنما نبت على دم الحسين ، ولم يكن قبل ذلك ، وهذا في قلة الحياء قريب مما قبله ، وكما يزعم كثير منهم أنّ عليا لم يكن له سمي قبله ، وهذا جهل عظيم ، بل كان في العرب كثير يسمون هذا الاسم ، كعلي بن بكر بن وائل وإليه يرجع كل بكري في العالم في نسبه ، وفي الأزد عليّ ، وفي بجيلة عليّ ، وغيرها ، كل ذلك في الجاهلية مشهور. وأقرب من ذلك عامر بن الطفيل يكنى أبا علي ، ومجاهراتهم أكثر مما ذكرنا.
ومنهم طائفة تقول بفناء الجنة والنار.
وفي الكيسانية من يقول : إن الدنيا لا تفنى أبدا. ومنهم طائفة تسمّى النحلية نسبوا إلى الحسن بن علي بن ورصند النحلي ، كان من أهل نفطة من عمل قفصة
__________________
(١) كذا في الأصل. وفي الفهرست للنديم : «السكّاك». وهو محمد بن الجليل السكّاك ، كان متكلما من أصحاب هشام بن الحكم ، وخالفه في أشياء إلا في أصل الإمامة. وله من الكتب : كتاب المعرفة ، كتاب في الاستطاعة ، كتاب الإمامة ، كتاب على من أبي وجوب الإمامة بالنصّ ، انظر الفهرست (ص ٢٢٥).