وما قولهم فيمن كان منهم ثم صار في غيرهم؟ أو من كان في غيرهم ثم صار منهم؟ أتراه ينتقل من ولادة الغيّة إلى ولادة الرشدة ، ومن ولادة الرشدة إلى ولادة الغيّة؟
فإن قالوا : حكمه لما يموت عليه. قيل لهم : فلعلكم أولاد غية إذ لا يؤمن رجوع الواحد فالواحد منكم إلى خلاف ما هو عليه اليوم.
والقوم بالجملة ذوو أديان فاسدة ، وعقول مدخولة ، وعديمو حياء. ونعوذ بالله من الضلال.
وذكر عمرو بن بحر الجاحظ ، وهو إن كان أحد المجان ، ومن غلب عليه الهزل وأحد الضلال المضلين ، قال الله تعالى : (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً) [سورة الإسراء : ٣٧] ، فإننا ما رأينا له في كتبه تعمد كذبة يوردها مثبتا لها ، وإن كان كثير الإيراد لكذب غيره ، قال : أخبرني أبو إسحاق إبراهيم النظام وبشر بن خالد أنهما قالا لمحمد بن جعفر الرافضي المعروف بشيطان الطاق : ويحك أما استحييت؟ أما اتقيت الله أن تقول في كتابك في الإمامة إن الله تعالى لم يقل قط في القرآن : (ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا) [سورة التوبة : ٤٠].
قالا : فضحك والله شيطان الطاق ، ضحكا طويلا ، حتى كأنّا نحن الذين أذنبنا.
قال النظّام : وكنا نكلم علي بن متيّم الصابوني ، وكان من شيوخ الرافضة ومتكلميهم فنسأله : أرأى أم سمع عن الأئمة؟ فينكر أن يقوله برأي ، فنخبره بقوله فيها قبل ذلك. قال : فو الله ما رأيته خجل من ذلك ، ولا استحيا لفعله هذا قط.
ومن قول الإمامية كلها قديما وحديثا أن القرآن مبدّل زيد فيه ما ليس منه ، ونقص منه كثير ، وبدّل منه كثير حاشا علي بن الحسن بن موسى بن محمد بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، وكان إماميا فيهم يظاهر بالاعتزال ، ومع ذلك كان ينكر هذا القول ، ويكفر من قاله ، وكذلك صاحباه أبو يعلى ميلاد الطوسي ، وأبو القاسم الرازي.
قال أبو محمد : القول بأن بين اللوحين تبديلا كفر صريح (١) ، وتكذيب لرسول الله صلىاللهعليهوسلم.
وقالت طائفة من الكيسانية بتناسخ الأرواح ، وبهذا كان يقول السيد الحميري الشاعر لعنه الله ، ويبلغ الأمر بمن ذهب إلى هذا أن يأخذ أحدهم البغل ، والحمار ،
__________________
(١) تحرفت في الأصل المطبوع إلى «صحيح». والصواب ما أثبتناه.