الآخرة وأهوالها ، فاتركهم وشأنهم (وَذَكِّرْ بِهِ) أي خوّف بالقرآن الكريم (أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِما كَسَبَتْ) يعني أن تسلم للهلكة وتعرّض للعذاب بسوء ما كسبت من الإثم وترتهن بقبيح أعمالها حين تصبح (لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ) فلا وكيل يدافع عنها ولا متوسّط يشفّع بها (وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ) أي ولو تدفع أية فدية كانت ـ والعدل هنا الفدية المساوية لارتكاب الذنب ـ فإن أي فداء (لا يُؤْخَذْ مِنْها) بل يرفض لأنها نفس خبيثة قدّمت شهواتها ورضى المخلوقين على أوامر خالقها ورضاه. فالفئة التي تكون من هذا الصنف (أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا) أي حبسوا بأعمالهم الخبيثة وعقائدهم الفاسدة المفسدة لعقائد غيرهم وأصبحوا رهن العذاب بعد الموت ، وقد أعدّ في الآخرة (لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ) والحميم هو الماء الساخن المغليّ البالغ غاية الحرارة بحيث يقطّع الأحشاء. وقد قال سبحانه في مورد آخر : وسقوا ماء حميما فقطّع أمعاءهم ، ومع ذلك الشراب لهم عذاب أليم : موجع وجعا شديدا غير قابل للتحمّل جوزوا بذلك (بِما كانُوا يَكْفُرُونَ) أي بسبب كفرهم وانحرافهم عن الحق.
* * *
(قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرانَ لَهُ أَصْحابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنا قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (٧١) وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٧٢) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ