وضع الاسم الظاهر موضع الضمير ـ إذ كان ينبغي أن يقول : فلا تقعد معهم ـ إيذانا بظلمهم باستهزائهم.
ونكرر أن الخطاب للنّبي صلىاللهعليهوآله ولكن مفاده لنا ، لأن غيره من الأمّة غير قابل لأن يكون شأنه شأن النبي الكريم إذ هو أعظم من أن يقعد في مجلس يستهزأ فيه بالقرآن ويكذّب نبيّ الرحمان ، ومثل ما نحن فيه هو من باب : إياك أعني واسمعي يا جارة. وقال العياشي : قال الباقر عليهالسلام في تأويل هذه الآية : الكلام في الله ، والجدال في القرآن ، وقال عليهالسلام : منه القصّاص. والقمي أورد عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس في مجلس يسبّ فيه إمام ، أو يغتاب فيه مسلم. إن الله تعالى يقول في كتابه : (وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا ...) ومن هذه الرواية الشريفة يستفاد أن المجلس المذكور فيها هو في حكم مورد الآية الكريمة.
٦٩ ـ (وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ ...) أي ليس من واجب على المؤمنين المتّقين المتجنّبين ما يسخط الله ، حين مجالسة الخائضين في آيات الله ، ليس عليهم ولا يلزمهم (مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) إذ لا تلحقهم تبعة الكافرين ولا يحاسبون بقول من قال (وَلكِنْ) ينبغي أن يكون جلوسهم معهم (ذِكْرى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) فعليهم تذكيرهم بالحسنى ولا يحسن أن يغضبوا ويثوروا ، بل عليهم أن ينهوهم ويذكّروهم لعلّهم يجتنبون ذلك ويقلعون عن ذمّ آيات الله والاستهزاء بها.
٧٠ ـ (وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً ...) يعني : دع واترك هؤلاء الذين دينهم لهو ولعب ، إذ العبادة لأصنامهم وأوثانهم لا تعقب نفعا ولا تدفع ضراّ بل هي مواقيت يلهون بها ويلعبون كما في أعيادهم ومواسمهم ـ وقيل إن الأمر بترك هؤلاء في هذه الآية قد نسختها آية السيف ـ فإن هؤلاء القوم قد استحوذ عليهم الشيطان (وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) أي خدعهم ما في الحياة على هذه الأرض من مغريات فأنساهم