تُبْسَلَ نَفْسٌ بِما كَسَبَتْ لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْها أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ (٧٠))
٦٨ ـ (وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا ...) أي إذا صادفت الكافرين يتحدثون فيما بينهم ساخرين بآياتنا ذامّين للقرآن وهازئين به ـ وذلك مأخوذ من : خاض في الماء : دخله بحيث لم يبق شيء من بدنه خارجا عنه. فقوله عزّ اسمه : يخوضون في الآيات ، يعني أنهم يغرقون في الهزء منها ولا يلمّون بالسخرّية بها إلماما ، ففعل : يخوضون ، آكد من أن يقول : يتحدثون ساخرين وأشمل وأعمق كما لا يخفى ، فهم بهذه الصورة يظهرون غارقين في محافلهم بذم القرآن ونبيّ الرحمان. فإذا رأيتهم في مثل هذه الحال يا محمد (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) أي : مل بوجهك وجسدك عنهم ولا تجالسهم (حَتَّى يَخُوضُوا) أي يأخذوا (فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) يعني غير القرآن أو غير الحديث الذي يتناول آيات الرحمان. فحينئذ لا بأس بمجالستهم واستماع كلامهم. والخطاب موجه للنبّي صلىاللهعليهوآله ولسائر المؤمنين ، وقد أباح سبحانه مجالسة الكفار والمنكرين من باب التقية لانتظام سير الحياة وارتياد المجالس العامة والمجالات الاجتماعية من أجل صلاح الفرد والجماعة. ثم عقّب سبحانه بقوله : (وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ) ولفظة : إمّا المشدّدة مركّبة من إن الشرطية ، ومن : ما ، الزائدة المدغمة بعضها ببعض. ولفظة : ينسينّك ، شدّدها ابن عامر وخففّها ابن يعقوب وكلاهما من القرّاء المعروفين. فإذا أنساك الشيطان هذا الأمر من عدم مجالسة الخائضين في آياتنا الساخرين من قرآننا ووحينا ، ثم جلست إليهم سهوا (فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى) أي : فلا تجلس بعد أن تتذكر أمرنا (مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) يعني معهم. وقد