٨٨ ـ (وَقالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ ...) أي : خاطب موسى ربّه سبحانه وتعالى أثناء دعائه وابتهاله قائلا : إنك آتيت : أعطيت فرعون وملأه : وقومه المتكبّرين (زِينَةً) يزدهون ويتيهون عجبا فيها من الحليّ والثياب ، أو من الصحة والوسامة وجمال القامة (وَ) آتيتهم (أَمْوالاً) نقودا ذهبية وفضيّة وأملاكا (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) فظهروا بذلك على من سواهم ، وإن كان سبحانه لم يعطهم ذلك ليفسدوا وليصيروا طغاة جبابرة (رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ) أي أن ذلك يجعل عاقبتهم الإضلال عن طريق معرفتك ، فإن اللام في (لِيُضِلُّوا) هي لام العاقبة. وقيل : معناه : لئلا يضلّوا عن سبيلك ، فحذفت (لا) كما حذفت من قوله سبحانه : شهدنا أن تقولوا يوم القيامة ، أي : لئلا تقولوا (رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ) أي غيّرها عن جهتها إلى جهة لا ينتفع بها ، وهذا هو الطمس عليها. وعن قتادة ومجاهد وعامة أهل التفسير أن أموالهم صارت كالحجارة (وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ) أي اطبع على قلوبهم وثبّتهم على المقام ببلدهم بعد إتلاف أموالهم ليكون ذلك أشدّ عليهم ، وأهلكهم (فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ) أي لا يؤمنون إيمان اختيار مطلقا ، وإذا رأوا العذاب الأليم لا يؤمنون إلّا إيمان إلجاء.
٨٩ ـ (قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما ...) أي : قال الله سبحانه وتعالى لموسى وهارون حين دعا موسى وأمّن هارون على دعائه على قوم فرعون : قد استجبت لكما ، ودعوتكما نافذة فيهم (فَاسْتَقِيما) أي اثبتا على دعوة الناس للإيمان ، ولا تتواينا عن الهداية والإرشاد (وَلا تَتَّبِعانِ) لا تسلكا (سَبِيلَ) طريق (الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) الذين لا يؤمنون بالله ولا يعرفونه.
* * *
(وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ