قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٩٠) آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (٩١) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ (٩٢))
٩٠ ـ (وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ ...) أي : عبرنا بهم البحر بين مصر وفلسطين ، وجعلناهم يعبرونه ويصلون سالمين لأننا جعلنا لهم أرضه يبسا بعد أن فرقنا لهم ماءه اثني عشر فرقا رأفة منّا بهم لأنهم انحصروا بين فرعون وجنوده وبين البحر وأصبحوا مطوّقين قد أحيط بهم ولا نجاة لهم إلّا بالمعجزة السماويّة (فَأَتْبَعَهُمْ) لحقهم (فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ) هو وعساكره الجرّارة (بَغْياً وَعَدْواً) أي من أجل البغي عليهم والظلم لهم. و : بغيا وعدوا ، مفعول له على الأرجح ، أو هما مصدران في موضع الحال.
وقصة ذلك أن الله تعالى لمّا استجاب دعاء موسى وهارون أمرهما بإخراج بني إسرائيل من مصر ليلا ، فخرجوا مشرقين نحو أرض فلسطين ، وعرف فرعون وقومه فتجهّزوا وزحفوا وراءهم. ولما انتهى موسى وقومه إلى البحر أمره الله سبحانه فضرب البحر بعصاه فانفلق اثني عشر فرقا ، وصار لكل سبط طريق يابس ، وارتفع الماء بين كل طريقين كالجبل ، وصار في الماء شبه الخروق لينظر بعضهم إلى بعض. ثم لما وصل فرعون وجنوده ورأوا البحر على تلك الحالة هابوا دخوله وهو على هذا الشكل وخافوا أن ينطبق ماؤه عليهم. وكان فرعون يركب حصانا أدهم شمّ ريح الفرس التي كان يركبها جبرائيل عليهالسلام وهو يقود بني إسرائيل في حين كان ميكائيل عليهالسلام يسوقهم ، فلحق حصان فرعون بالفرس واقتحمت خيول قومه خلفه إلى أن دخل آخرهم فانطبق الماء عليهم قبل أن يهمّ أولهم بالخروج من الجهة الثانية. وهكذا تمت آية الله تبارك وتعالى (حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ) أي وصل إلى فرعون وأيقن بالموت والهلاك (قالَ آمَنْتُ)