١٧١ ـ (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ ...) نتق الشيء : قلعه ورمى به. وقيل نتق ، يعني : رفع ، وقيل : جذب. فاذكر يا محمد يوم اقتلع الله الجبل ورفعه فوق بني إسرائيل وهم في عسكر موسى عليهالسلام يشغلون مساحة فرسخ في فرسخ لكثرتهم ، فجعله سبحانه فوقهم كأنه ظلة : أي غمامة أو سقف يظلّهم (وَظَنُّوا) حسبوا موقنين (أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ) أي عليهم فاتك بهم. فقلنا لهم عند هذه الشّدة : (خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ) التزموا بما في أيديكم من أحكام التوراة وفرائض الله سبحانه ولا تقصّروا بشيء مما أمرناكم به (وَاذْكُرُوا ما فِيهِ) ولا تنسوا المواثيق والعهود المأخوذة عليكم للعمل بما فيه (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) لكي تتجنّبوا ما يغضب ربّكم وتطلبوا ثوابه وتخافوا عقابه.
* * *
(وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ (١٧٢) أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (١٧٣) وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (١٧٤))
١٧٢ ـ (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ ...) أي اذكر يا محمد لهؤلاء إذ أخرج الله سبحانه من بني آدم (مِنْ ظُهُورِهِمْ) أي من أصلابهم أخذ (ذُرِّيَّتَهُمْ) جميع ما يتناسل منهم إلى يوم القيامة. وعبارة : من ظهورهم ، بدل من : بني آدم كما لا يخفى. والتقدير : أخذ ربّك من ظهور بني آدم ذرّيّتهم (وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ) جعلهم شهودا على ذواتهم حين قال لهم : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ؟) أي أما أنا إلهكم وخالقكم؟ (قالُوا : بَلى)