على سلوكهم المنحرف عن الحق ، ماضون في ممارسة الحرام ، لا يرتدعون ولا يشبعون من متع الدنيا ومفاتنها (أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ) أي : ألم يرتبطوا بالعهد الذي في الكتاب من أحكام الحلال والحرام ، وعاهدوا (أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَ) أي أن لا يكذبوا عليه في ما أنزل على رسوله موسى (ع) في التوراة ، إذ لم ينزل المغفرة للمصرّ على الذنوب (وَ) قد (دَرَسُوا ما فِيهِ) يعني قرءوا ما في التوراة وعرفوا محتواه ، ولكنهم ضيّعوا دراستهم ولم يعملوا بموجب تعاليم كتابهم مع أن الدرس هو تكرير الشيء المقروء حتى الاستيعاب الكامل. وجملة : ودرسوا ما فيه ، معطوفة على : ورثوا ، والتقدير : ورثوا الكتاب .. ودرسوا ما فيه (وَالدَّارُ الْآخِرَةُ) أي ما أعدّه الله للمؤمنين من نعيم الآخرة الباقي الذي لا يفنى لأنها دار القرار (خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) أي خير من هذه الدنيا الفانية المملوءة بالشقاء (أَفَلا تَعْقِلُونَ؟) أي تتدبّرون وتفكّرون وتفهمون؟
١٧٠ ـ (وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ ...) أي يتمسكون به ويحملون غيرهم على التمسّك به. والكتاب هو التوراة لأن الحديث عن بني إسرائيل ، فهؤلاء الملتزمون به الذين لا يحرّفونه ولا يكتمون شيئا منه (وَأَقامُوا الصَّلاةَ) مع ذلك ، وقد ذكرها سبحانه دون غيرها من الطاعات لأهميتها وكونها مفتاح الطاعات وأجلّ العبادات (إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ) لا نضيع جزاءهم الخيّر ولا نحرمهم حقّهم في الثواب .. أما خبر : (وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ) ، فهو قوله : (إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ) ، من الممسّكين به. والتقدير : والّذين يمسّكون ... غير ضائع حقّهم.
* * *
(وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٧١))