جاء به ، فإن القرآن نور للقلوب يهتدي الناس به إلى الدّين. وكلمة : معه قامت مقام : عليه ، أي : أنزل عليه. وقد تقوم لفظة : مع ، مقام لفظة : على ، وبالعكس. وقد روي أن النبيّ صلىاللهعليهوآله سأل أصحابه : أيّ الخلق أعجب إيمانا؟ قالوا : الملائكة. فقال : الملائكة عند ربّهم ، فما لهم لا يؤمنون! قالوا : فالنبيّون. قال : النبيّون يوحى إليهم ، فما لهم لا يؤمنون! قالوا : فنحن يا نبيّ الله. قال : أنا فيكم ، فما لكم لا تؤمنون! إنهم قوم يكونون بعدكم يجدون كتابا في ورق فيؤمنون به. فهو معنى قوله عزوجل : (وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الناجحون الناجون من العقاب الفائزون بثواب الله عزّ وعلا.
* * *
(قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِماتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٥٨))
١٥٨ ـ (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً ...) أي قل يا محمد لجميع الناس من عرب وعجم : قد أرسلني الله إليكم جميعا بشيرا ونذيرا ، وأنا أدعوكم إلى توحيده سبحانه وإلى السمع والطاعة لما أبلّغكم إياه عنه جلّ وعلا. وقد وضع لفظة : جميعا ، للتأكيد ولبيان أنه مرسل إلى الناس كافة. وقد نصبت : جميعا على أنها حال من ضمير المخاطب الذي عمل حرف الإضافة فيه ، أي : إليكم مجتمعين ... فقل لهم : إنني رسول الله (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فهو مالكهما والمتصرف بهما وبما فيهما من غير منازع (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) لا ربّ ولا