(ص) قام في الصلاة فقال أعرابي وهو في الصلاة : اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا. فلمّا سلّم رسول الله (ص) قال للأعرابي : لقد تحجّرت واسعا ، يريد رحمة الله عزوجل ... (فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) أي سأسجّلها وأوجبها لمن يجتنبون الشّرك والمعاصي (وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ) يخرجون زكاة أموالهم لأن إخراج الزكاة فرض شاقّ لشدة حب الإنسان للمال ـ وتحبّون المال حبّا جمّا ـ فالزكاة تطهير للمال وتطهير للنفس ، فسأوجب رحمتي لفاعليها (وَ) أخصّ بها (الَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ) أي يصدّقون ببيّناتنا وحججنا الدامغة ... وقيل إن هذه الآية لمّا نزلت قال إبليس اللعين : أنا من ذلك الشيء. فنزعها الله من إبليس بقوله : (فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) إلخ ... وبيان الذين هم بآياتنا يؤمنون فصّله سبحانه بقوله التالي :
١٥٧ ـ (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ ...) أي أن الذين يؤمنون بآيات الله تعالى ، هم المؤمنون بمحمد صلىاللهعليهوآله ، المعتقدون بصدق نبوّته وبصدق ما جاء به عن ربّه ، المتّبعون ما شرع من الدّين. والأميّ هو الذي لا يقرأ ولا يكتب. وقيل إنه المنسوب إلى الأمّة ـ والأمة العربية لم تكن تحسن الكتابة ، كما قيل هو نسبة للأم ، أي أنه كما ولدته أمّه قبل تعلّم القراءة والكتابة ، ونسب إلى الإمام الباقر عليهالسلام أنه نسبة إلى أمّ القرى التي هي مكة. فلا يكون الناس مؤمنين بعد بعثته (ص) إذا لم يؤمنوا به لأنه هو (الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ) بنعته وصفته ونبوّته ، ففي السفر الخامس من التوراة قال : إني سأقيم لهم نبيّا من إخوتهم مثلك ، وأجعل كلامي في فيه ، فيقول لهم كلّ ما أوصيه به ، وقال أيضا : وأما ابن الأمّة فقد باركت عليه جدّا جدّا ، وسيلد اثني عشر عظيما ، وأؤخّره لأمّة عظيمة. وقال : أتانا الله من سيناء وأشرق من ساعير واستعلن من جبال فاران. وكذلك تجد في الإنجيل البشارة بالغارقليط. ففي موارد كثيرة منه قال : نعطيكم غارقليط آخر يكون معكم آخر الدهر كلّه. وفيه قول المسيح عليهالسلام للحوارّيين