علينا. وفتنتك هذه التي هي الرجفة (تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ) أي تصيب وتهلك من تريد (وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ) وتنجي منها من تريد. وقيل : بل تضل بها من تريده بترك الصبر عليها والرضاء بها فتصرفه عن نيل الثواب ودخول الجنة ، وتهدي بها من تريده بالصبر والرضا ، وتثيبه على صبره ورضائه فتدخله الجنة (أَنْتَ وَلِيُّنا) أي الأولى بنا ، ومالك أمورنا وناصرنا (فَاغْفِرْ لَنا) ذنوبنا (وَارْحَمْنا) اشملنا برحمتك ورأفتك (وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ) خير المتجاوزين عن الذنوب.
جملة : واختار موسى قومه : تقديرها : اختار من قومه. وقد حذف حرف الجر : من ، فوصل الفعل فنصبت لفظة : قومه. وإنما حذف : من ، لدلالة الفعل عليه مع إيجاز اللفظ. قال الفرزدق :
ومنّا الذي اختير الرجال سماحة |
|
وجودا إذا اختير الرياح الزعازع |
أي : اختير من الرجال.
١٥٦ ـ (وَاكْتُبْ لَنا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً ...) هذا من بقية دعاء موسى عليهالسلام ، فقد سأل الله ـ بعد المغفرة والرحمة ـ حسنة : أي نعمة في الدنيا (وَ) اكتب لنا (فِي الْآخِرَةِ) حسنة أيضا تثيبنا عليها. فوفّقنا في الدنيا للأعمال الخيّرة وفي الآخرة للمغفرة وحسن الثواب والجنّة (إِنَّا هُدْنا) أي ورجعنا بتوبتنا ، وإنّا تبنا (إِلَيْكَ) والهود هو الرجوع. فعند ذلك (قالَ) الله تبارك وتعالى : (عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ) أي الذي يعصيني ويستحق العذاب. وقد علّق العذاب بمشيئته سبحانه لاحتمال جواز المغفرة للتائبين. وقرئ شاذّا : عذابي أصيب به من أساء (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) فقد منحتها في الدنيا للطائع والعاصي ، ولكنها يوم القيامة للمؤمنين خاصة. وقال العوفي معلّلا ذلك : وسعت كلّ شيء ولكن لا تجب إلّا للذين يتّقون ، وذلك أن الكافر يرزق ويدفع عنه بالمؤمن لسعة رحمة الله للمؤمن ، فيعيش فيها. فاذا صار في الآخرة وجبت للمؤمنين خاصة ، كالمستضيء بنور غيره إذا ذهب صاحب السّراج بسراجه. وهو قول حسن .. وفي الحديث ـ كما في المجمع ـ أن النبيّ