الظَّالِمِينَ (١٥٠) قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (١٥١))
١٤٨ ـ (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً ...) اتّخذ تعطي معنى الاختيار ، وهؤلاء الذين عاد سبحانه إلى ذكر قصتهم من بني إسرائيل ـ وهم السامريّ ومن مشى على طريقته ـ اتّخذوا من بعده : بعد مضيّ موسى إلى الميقات لتلقيّ الألواح ، من حليّهم : أي مما تحلّوا به من الذهب وتزيّنوا به ، جعلوا منه (عِجْلاً جَسَداً) أي صورة وتمثالا لولد البقرة مجسّدا لا روح فيه. وقرئ : حليّ : جمع حلي ، وحليّ بالكسر للحاء واللام على وزن قسيّ ، وحليّ كاسم جنس يقصد به الواحد والكثير. وموضع العبارة : من حليهم ، نصب على أنه مفعول به لاتّخذوا ، بتقدير : اتّخذوا حليّهم .. وهذه الحلي كان بنو إسرائيل قد استعاروها من الأقباط ليتزيّنوا بها يوم عيدهم ، ولبسوها وبقيت معهم يوم أخرجهم الله من مصر وغرق فرعون ، فصنع منها السامريّ عجلا أثناء غياب موسى (ع) في الطور ثم أخذ قبضة من تراب أثر فرس جبرائيل (ع) يوم اجتاز البحر ، فقذفها في فم العجل فتحوّل لحما ودما وقيل : لم يكن سوى تمثال جامد بدليل لفظ «الجسد» وهو الصحيح. وقد حدث (لَهُ خُوارٌ) أي صوت وروي جؤار في الشواذ. وكان السامريّ محترما منهم ، فأطاعوا أمره حين قال لهم : هذا إلهكم ، وعصوا أمر هارون عليهالسلام ، وأذاع السامريّ بينهم أن موسى (ع) قد مات وأنه لا يرجع إليهم ، فصدّقوه بعد أن سمعوا خوار العجل الصادر عن الرّيح التي كانت تمر في جوفه فتحدث صوتا يشبه صوت العجل ، وشجّعهم على قبول رأيه أن موسى لم يعد إليهم على رأس الثلاثين ليلة كما وعدهم ، فعبدوا العجل فقال سبحانه وتعالى : (أَلَمْ يَرَوْا) يلاحظوا ويعلموا (أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ) أي لا يخاطبهم بما فيه نفع أو دفع ضرر (وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً) لا يرشدهم إلى طريق الهدى. فبيّن لهم عزّ وعلا أنه جماد لا ينفع ولا يضر