طريق الحق (وَ) هم أيضا (إِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِ) أي طريق الضلال (يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً) طريقا لهم ويمضون فيه (ذلِكَ) إشارة إلى اتّباعهم طريق الغيّ وتركهم طريق الإيمان ، أو صرف أنفسهم عن الآيات. والتقدير : أمرهم ذلك (بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا) أي بدلائلنا وبمعجزات رسلنا (وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ) لا يتفكّرون بها ولا ينتبهون إلى أهميتها ، شأنهم شأن الغافل الحقيقي الذي يسهو عمّا يجري حوله. ثم توعّد تعالى اسمه المكذّبين بقوله :
١٤٧ ـ (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ ...) أي : الّذين لم يصدّقوا بلقاء الله سبحانه يوم البعث والحساب ، فأولئك (حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) يعني حصلت على غير الوجه المطلوب فكانت ملغاة كأنها لم تكن. و (هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ) أي ليس يجزون إلّا بعملهم السيّء ، لأن الاستفهام هنا جاء استنكارا وتوبيخا.
* * *
(وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكانُوا ظالِمِينَ (١٤٨) وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا وَيَغْفِرْ لَنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (١٤٩) وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْواحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ