في المرة الرابعة. فلما خرج من عنده بعد نهاية مدة الاستئجار وتوجّه نحو مصر ورأى النّار وأتى الشجرة ناداه الله تعالى : أن يا موسى ألق عصاك. فألقاها فصارت حية فخاف منها وهرب ، فناداه سبحانه : خذها ولا تخف ، فأدخل يده بين يده بين لحييها فعادت عصا كما كانت. فلما أتى فرعون ألقاها بين يديه كما ذكرنا وكان من سيرتها ما كان ... وفي المجمع عن أمير المؤمنين عليهالسلام أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : من خرج في سفر ومعه عصا لوز مرّ ، وتلا هذه الآية : ولمّا توجّه تلقاء مدين ، إلى قوله : (وَاللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ) ، آمنه الله من كل سبع ضار ومن كلّ لصّ عاد ومن كل ذات حمة حتى يرجع إلى أهله ومنزله ، وكان معه سبعة وسبعون من المعقّبات يستغفرون له حتى يرجع ويضعها ..
١٠٨ ـ (وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ ...) قيل إن موسى أخذ العصا فعادت إلى ما كانت عليه ، فهدأ روع فرعون وقومه ، فقال له فرعون : هل معك آية غير هذه؟ فقال : نعم ، ثم أدخل يده في جيبه أو تحت إبطه ونزعها : أي أخرجها وأظهرها فإذا لونها أبيض ينير ويشعّ حتى يغلب شعاع الشمس مع أن موسى عليهالسلام كان آدم ، أي أسمر. ثم أعادها إلى كمه ثانية وأخرجها كما كانت أولا. عند هاتين الآيتين العجيبتين :
١٠٩ ـ (قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ ...) أي قال جماعة فرعون إن هذا : أي موسى ، ساحر ماهر عالم بالسّحر متفوّق فيه. والسّحر لطف الحيلة في إظهار أعاجيب يتوهّم من يراها أنها معاجز فوق المستطاع والعقل. وقيل إنه صرف الشيء عن حقيقته ـ كما في المجمع ـ وأصل السّحر خفاء الأمر. وقد قال قوم فرعون ذلك ليفتنوا بسطاء الناس وليصرفوهم عن الإيمان بمعاجز موسى (ع) لأنهم آنسوا ميلا للإيمان من كثير من الحاضرين ، فقالوا هذا ساحر :