ريب. أما الفراء فقال : حقيق بأن لا أقول على الله إلّا الحق. وعلى ، بمعنى الباء. كما تقول : رميت السهم على القوس ، أي بالقوس ، وجاءني فلان بحالة حسنة ، أي على حالة حسنة ، وهو حسن أيضا (قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ) أي بمعجزة تبيّن صدقي في رسالتي ، هي (مِنْ رَبِّكُمْ) أعطانيها كدليل على صدق ما أقول (فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ) أي اتركهم من غلّ السّخرة وأطلق سراحهم ليعودوا إلى الأرض المقدّسة. فقد كان فرعون يستعبدهم ويكلّفهم بالأعمال الشاقة.
١٠٦ ـ (قالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِها ...) أي : قال فرعون لموسى : إن كانت لديك حجة على صدق دعواك فأت بها : هاتها ، وأرنا إيّاها إذا صحّ ذلك (إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) أنك رسول من الله إلينا.
١٠٧ ـ (فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ ...) أي : فرمى عصاه من يده في باحة المناظرة فظهرت حيّة تسعى ظاهرة للعيان بحيث تبدو للناس حية عظيمة ، ولم تكن ممّا يخيّل أنها حية وليست بحية كما في السحر والشعوذة. وخاف الحاضرون منها خوفا شديدا ، فقد قيل إنها أخذت قبة فرعون بين فكّيها اللّذين كان بينهما ثمانون ذراعا بذراع اليد ، فوثب فرعون عن عرشه وهرب منها وأحدث في ثيابه وهرب الناس ، ودخل فرعون منزله وصاح بموسى أن يأخذها وهو يؤمن به. فأخذها موسى فعادت عصا كما كانت.
أما قصة العصا هذه ، فقيل إنه أعطاه إياها ملك حين توجّه إلى مدين. وقيل إنها عصا كانت لآدم ـ كما في المرويّ عن أئمة أهل البيت عليهمالسلام ـ هي من آس الجنّة جاء بها وكانت تنتقل بين أولاده إلى أنّ وصلت إلى شعيب (ع) ميراثا مع أربعين عصا غيرها. ولمّا استأجر شعيب موسى (ع) قال له : ادخل وخذ عصا من تلك العصيّ ، فوقعت تلك العصا في يد موسى. فاستردّها شعيب وقال : خذ غيرها ، حتى فعل ذلك ثلاث مرات في كل مرة تقع يده عليها دون ما سواها ، فتركها له شعيب