بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ (١٠٨) قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ (١٠٩) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَما ذا تَأْمُرُونَ (١١٠))
١٠٣ ـ (ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى بِآياتِنا ...) البعث : هو الإرسال ، وبعث الأنبياء هو نقلهم عن حالة الإنسانية إلى حالة النبوّة ، والمعنى أننا بعد الأمم التي أهلكناها ، أو بعد الأنبياء الّذين ذكرناهم ، أرسلنا ، موسى بمعجزات منّا وبدلائل وحجج (إِلى فِرْعَوْنَ) ملك مصر المتربّب (وَمَلَائِهِ) أشراف قومه وذوي الرأي منهم. وفرعون هذا اسمه الوليد بن مصعب ، وهو فرعون يوسف. وقد كان بين دخول يوسف (ع) ودخول موسى إلى مصر مقدار أربعمائة سنة (فَظَلَمُوا بِها) أي ظلموا أنفسهم بوضعها في غير المواضع اللائقة بها ، وبجحودهم لها. والظّلم كما لا يخفى هو وضع الحق في غير موضعه. وهذا كناية عن أن موسى عليهالسلام جاءهم بالرسالة من ربّه فكذّبوه وهذا هو ظلمهم بها (فَانْظُرْ) يا محمّد (كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) يعني كيف كانت نهاية أمرهم ومآل حالهم. وموضع : كيف ، في قوله : كيف كان ، نصب لأنه خبر كان. وتقديره : أنظر أيّ شيء كان عاقبة المفسدين.
١٠٤ ـ (وَقالَ مُوسى يا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ ...) هذه الآية الشريفة حكاية حال ما فاجأ به موسى (ع) فرعون وملأه حين قال لهم : إني نبيّ مرسل إليكم من قبل الله تعالى. وأتمّ تصديقا لرسالته قائلا :
١٠٥ ـ (حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ ...) إلّا الحق : منصوب على أنه مفعول للقول. والمعنى : أنني لن أقول إلّا الحق. وقال الزمخشري : حقيق عليّ قول الحق : أي واجب عليّ قول الحق وأن أكون أنا قائله والقائم به ولا يرضى إلّا مثلي ناطقا به. وهو سديد بلا