٩٥ ـ (ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ ...) يعني محونا السيئة بعد التوبة والرجوع إلى جادة الحق ووضعنا مكانها حسنة رأفة منّا بعبادنا. والتبديل هو وضع أحد الشيئين مكان الآخر. وعن ابن عباس : السيئة : الشّدة ، والحسنة : الرخاء. وقد سمّيت السيئة هكذا لأنها تسوء صاحبها. فنحن طالما رحمنا عبادنا ورأفنا بهم (حَتَّى عَفَوْا) يعني اعرضوا عن الشكر بعد أن كثروا وكثرت عليهم النّعم والعفو هو التّرك : من قوله سبحانه : (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ). (وَقالُوا قَدْ مَسَّ آباءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ) أي صار أحدهم يقول لغيره : ابق على ما أنت عليه ولا تعبأ بما يحلّ بنا فقد ابتلي من كان قبلنا بالضّيق والشدّة وبالسعة والراحة وما غيّروا ولا بدّلوا «ف» من كانوا كذلك (فَأَخَذْناهُمْ بَغْتَةً) يعني فجأة ليعتبر بهم غيرهم (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) أي لا يحسّون ما ينزل بهم من عذاب إلّا بعد حلوله ، ولا يعلمون متى ينزل بهم. والبغتة هي الأخذ فجأة ودون مقدمة تنذر بما يحصل : يقال : بغتة بغتا وبغتة ، وقيل :
وأنكأ شيء حين يفجأك البغت.
وحاصل ما في هذه الآية الكريمة أن الله تبارك وتعالى يأخذ عباده العصاة مرة بالشدة ومرة بالرخاء حتى إذا ظهر فسادهم في كل حال أخذهم على حين غرّة بعقاب تبقى حسرته في قلوبهم لأنهم لا يعرفون وقت حلوله.
* * *
(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (٩٦) أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ (٩٧) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا