نراك ونتيقّن أنه في ذهاب عن طريق الحق ظاهر ، لأنك تدعونا إلى ترك عبادة أصنامنا.
٦١ ـ (قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ ...) أجابهم نوح (ع) على قولهم ، بأنني لست ضالا ولا عادلا عن الحق إلى غيره ، ولا تركت طريق الصواب (وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) بل أنا نبي مرسل من الله الذي يملك كل شيء. ولكني أصله لكنّني وقد حذفت النون لاجتماع النونات (لكن ن ن) ويجوز عدم حذفها في غير القرآن الكريم لأنه الأصل الذي يجري عليه. ومثله إني وكأني. أما ليتني فتثبت النون فيه دائما إذ ليس فيه علة حذف.
٦٢ ـ (أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ ...) التبليغ والإبلاغ هو إيصال ما فيه بيان أمر من أجل إفهامه إلى الآخرين. ومنه البلاغة التي هي إيصال المعنى إلى النفس بأحسن صورة من اللفظ والفرق بين الإبلاغ والأداء أن الأداء إيصال الشيء على الوجه الذي يجب فيه. فقد قال نوح لقومه : إني رسول الله إليكم أبلّغكم رسالات ربّي : أي ما أمرني بأدائه إليكم مع تمام الإخلاص والنصيحة (و) أنا (أعلم من الله) يعني من صفاته وربوبيته (ما لا تَعْلَمُونَ) أي ما لا تعرفون. وقد قال لهم ذلك لأنهم لم يسمعوا أبدا أن الله تعالى عذّب قوما لأنهم عصوا رسوله. فلم يسبق أن وقع هذا العذاب بأحد قبلهم لأنهم من أوائل الأمم ، وقد تحدثت الأمم بهلاكهم فقال هود (ع) لقومه : جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح ، وقال شعيب لقومه : لئلّا يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح إلخ ...
٦٣ ـ (أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ ...) الهمزة للاستفهام وقد دخلت على واو العطف لتفيد الإنكار. فنوح (ع) ينكر على قومه عجبهم من أن تنزل إليهم رسالة من ربّهم (عَلى رَجُلٍ) أي على بشر ، إنسان (مِنْكُمْ) مثلكم تعرفونه منذ ولد وكيف نشأ ، قد جاءكم (لِيُنْذِرَكُمْ) أي يخوّفكم العقاب إن لم تؤمنوا بالرسالة (وَلِتَتَّقُوا) تتجنّبوا الشّرك وتتركوا