أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٦٢) أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٦٣) فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً عَمِينَ (٦٤))
٥٩ ـ (لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ ...) من جملة ما سلّى به سبحانه قلب نبيّه محمد صلىاللهعليهوآله قصة نوح عليهالسلام فقال تعالى : ولقد : واللام للقسم كما لا يخفي ، وقد للتأكيد ، وتقدير هما : حقاّ نقول : أرسلنا نوحا نبيّا إلى قومه وحمّلناه أمر الرسالة ليهدي الناس ويبلّغهم أوامر الله ونواهيه. ونوح (ع) هو بن ملك بن متوشلخ بن أخنوخ ـ أي إدريس عليهالسلام ـ وقد ولد في نفس العام الذي توفي فيه آدم عليهالسلام ، وهو أول نبيّ بعد إدريس ، قيل إنه بعث وهو ابن أربعمائة سنة ، وقيل ابن خمسين سنة ولبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما ، وعاش في تلك الألف ثلاثة قرون من الناس ، عايشهم ودعاهم إلى التوحيد واعتناق الدين ليلا ونهارا فأبوا سماع دعوته ولم يزدهم دعاؤه إلّا فرارا ، وكانوا يضربونه حتى يغشى عليه فإذا أفاق قال : اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون (فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) قرأ بعضهم : غيره بكسر الراء على البدلية من إله. وقد حذفت ياء الإضافة من : يا قومي ، لقوة النداء على التغيير حتى يحذف للترخيم. فقد دعا نوح قومه إلى عبادة الله وحده ثم خوّفهم من المخالفة فقال : (إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) ولعلّه نوّه بيوم الطوفان خاصة وبيوم القيامة عامة. ولكن :
٦٠ ـ (قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) : الملأ هم الجماعة من الرجال خاصة ومثله : الرهط والقوم والنفر. وقيل إنهم سمّوا كذلك لأنهم يملأون المحافل والنوادي. فقد قال جماعة نوح لنوح (ع) : نحن