معها ، وذلك بعكس الإخفاء. فقد كانت وسوسته لهما بقصد إظهار (ما وُورِيَ) يعني : ستر (عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما) أي عوراتهما. (وَقالَ) لهما : (ما نَهاكُما) منعكما (رَبُّكُما عَنْ) الأكل من (هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ) أي تتغيّر صورتكما وتصير إلى صورة الملائكة وأن الله تعالى قد قضى بذلك في سابق علمه (أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ) أي لا تفنى حياتكما ولا تنتهي إذا أكلتما منها (وَقاسَمَهُما) أي حلف بالله حتى تتم مكيدته لهما ، وأكّد قائلا : (إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ) أي المخلصين في النصيحة حين أدعوكما إلى التناول من هذه الشجرة ، الأمر الذي جعلهما يصدّقان قول إبليس لأنهما كانا قد اعتقدا أنه لا يقدم أحد في المخلوقات على اليمين إلّا صادقا.
٢١ ـ (وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ ...) أي : حلف لهما يمينا بالله أنه ينصحهما بذلك ، والنصيحة ضد الغش. فهو يقسم اليمين كاذبا ويؤكد لهما رأيه بأنه من المخلصين في النصيحة حين يدعوهما للأكل من هذه الشجرة ، مما جعلهما يصدّقان قوله لأنهما اعتقدا أنه لا يتجرّأ أحد في ذلك الوقت أن يحلف بالله يمينا كاذبة ، فرغبا في الخلود والبقاء.
* * *
(فَدَلاَّهُما بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ (٢٢) قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (٢٣) قالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ (٢٤) قالَ فِيها تَحْيَوْنَ وَفِيها