واللام هنا للابتداء ومن للشرط وهو في موضع رفع ولا يجوز أن يكون بمعنى الذي كما أن لام (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ) لام القسم. يعني سأملأ جهنّم منك ومن ذرّيّتك التي تعينك في إضلال الناس ، ومن الكفار المطيعين لكم من بني آدم (أَجْمَعِينَ) مجموعين في جهنّم بلا استثناء أحد منكم.
* * *
(وَيا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ (١٩) فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ (٢٠) وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ (٢١))
١٩ ـ (وَيا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ ...) أمر سبحانه آدم (ع) بسكنى الجنّة والإقامة فيها مع زوجته حواء (ع) ولم يقل زوجتك لأن لفظة : زوج ، تقع على الزوج وعلى الزوجة من جهة ، ولأن الإضافة هنا إليه أغنت عن ذكره وأبانت عن معناه من جهة ثانية (فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما) أي من أي مكان أردتما ، فقد أباح لهما أكل كل شيء وأينما كان ذلك الشيء الذي يريدانه ، ولكنه نهاهما عن شيء واحد قائلا : (وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ) أي لا تأكلا منها (فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ) لأنفسهم أي الباخسين نفوسهم أعظم الثواب. وقد سبق أن بيّنا ذلك في سورة البقرة.
٢٠ ـ (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما ...) أي وسوس الشيطان لآدم وحواء ، يعني أنه ألقى في قلبيهما المعنى بصوت خفيّ ، وأوهمهما أنه ناصح لهما في ذلك (لِيُبْدِيَ لَهُما) أي ليظهر لهما. والإبداء والإظهار للشيء هو جعله على صورة يصح أن يدرك