شاكِرِينَ (١٧) قالَ اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ (١٨))
١٤ ـ (قالَ أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ...) قال إبليس اللعين : أمهلني وأخّرني إلى يوم البعث : أي بعث الناس من قبورهم بأجسادهم وأرواحهم ، ولا تمتني. فكأنه خاف تعجيل العقوبة ووقوعها حالا فسأل الله المهلة. وقد قال الكلبي ـ كما في المجمع ـ : أراد الخبيث أن لا يذوق الموت في النفخة الأولى مع من يموت ، فأجيب بالإنظار إلى يوم الوقت المعلوم الذي هو النفخة الأولى ليذوقه بين النفختين ، وهو أربعون سنة. فالله سبحانه متفضّل على مخلوقاته يجيب سؤالهم ويستجيب دعاءهم ولو عصوه بدليل إجابة طلب أكبر عاص له سبحانه ، وهو إبليس إذ لمّا سأله الإنظار والبقاء :
١٥ ـ (قالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ ...) أي قال الله تعالى له : إنك من المؤخّرين بحسب ما طلبت وإن كنت عاصيا.
١٦ ـ (قالَ فَبِما أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ...) أي قال إبليس بعد أن أجابه الله إلى شيء من طلبه : (فَبِما أَغْوَيْتَنِي) يعني : فبالّذي أغويتني : أي فباعتباري غاويا ضالا. وقيل : بما خيّبتني من رحمتك وطردتني منها ، وذلك كما قال الشاعر :
فمن يلق خيرا يحمد الناس خيره |
|
ومن يغو لا يعدم على الغيّ لائما |
أي من يخب. وقيل معناه : بما امتحنتني بالسجود فغويت عنده ، كما قيل : حكمت بغوايتي كما يقال : أضلّه أي حكم بضلاله. وفي المجمع قال : لا يبعد أن يكون إبليس قد اعتقد أن الله تعالى يغوي الخلق ويضلهم بدافع نفسه الشّريرة. ولذلك قال : فبما أنك أغويتني : أي اعتبرتني غاويا (لَأَقْعُدَنَ) أي لأجلسنّ (لَهُمْ) لأبناء آدم (صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ) أي على طريق الحق الذي تسنّه لأصدّهم عنه وأصرفهم إلى طريق الباطل عداوة لهم