كالخلود في النار مثلا ، فاذا كان الجهل مانعا من المرتبة العليا فمنعه من المرتبة الدانية بطريق اولى ، فالاستدلال على المطلوب بهذه الآية يكون من جهتين لفظية وفحوائية.
ومما ذكرنا من التقريب يندفع بعض الاعتراضات الواردة في المقام ، كما انه لا معنى للخدشة بان مفاد الآية هو قاعدة قبح العقاب بلا بيان الذى هو مسلم بين الفريقين. على انه لو قلنا بذلك فهو انما يكون بناء على ان المراد من البيان هو تمام الحجة فتكون اخبار الاحتياط واردة على هذه الآية. ولكنك قد عرفت ان مبنى الاستدلال كما هو الظاهر ان المراد من البيان هو الاعلام فتكون الآية دالة على البراءة.
فالمتحصل ان عدم وجوب رعاية الواقعيات قبل وجود البيان إن استفيد ذلك من الآية فحينئذ تحصل المعارضة مع ادلة الاخباريين لو تمت دلالتها ولا تكون ادلة الاخباريين واردة عليها.
ودعوى ان وجوب الاحتياط نفسي فتكون ادلة الاخباريين واردة عليها قد عرفت ضعفها ، كما ان دعوى منع الفحوى بتقريب ان الخذلان يكون قبيحا على الحكيم بالنسبة الى المرتبة العليا ولا يستلزم ذلك العقوبة على ما دونها مكابرة وبلا دليل إذ الجهل إذا كان مانعا عن الخذلان الذى هو اعظم من العقوبة فبطريق اولى يكون مانعا لما دونه من المراتب ومنشأ ذلك التوهم تخيل ان العلم شرط في الخذلان ومنعه ظاهر.
فتحصل مما ذكرناه ان الاشكال على دلالة الآية على البراءة بان مفادها مفاد قاعدة قبح العقاب بلا بيان لكي تكون ادلة الاخباريين واردة عليها مبني على ان يكون الخذلان مسبوقا بالبيان. واما اذا كان المراد من البيان هو الاعلام بحكم الشيء واقعا بعنوانه الاولي لا الاعلام بمطلق الحكم ولو كان