فلا يتمّ الجواب المذكور على إطلاقه. وإن كان متردّدا في الحكم فإن لاحظ فيه جانب الاحتياط وأتى به كذلك كان ما أتى به صحيحا ، لما عرفت من كون الاحتياط أيضا طريقا وإن كان ذلك بتكرار العمل. ولو بنى على التكرار ثمّ علم بعد الإتيان بأحد وجهين أو الوجوه أنّه هو الصحيح فلا حاجة إلى الإتيان بالآخر. والإتيان به أوّلا على وجه احتمال مصادفته الواقع لا ينافي الحكم بصحّته بعد العلم بالحال. وإن حصل عنه غفلة في معرفة الاحتياط فقطع بكونه احتياطا ثمّ ظهر له بعد العمل خلافه جرى فيه ما ذكر من التفصيل في الحكم بصحّة عمل الغافل وعدمه ، إذ هو أيضا من مورد القطع بالصحّة مع ظهور فساد قطعه. هذا إذا علم كونه موردا للاحتياط بحيث لو رجع فيه إلى الفقيه حكم فيه بالاحتياط. وأمّا إذا أراد بالاحتياط إحراز الواقع من غير علم بكونه من مورد الإشكال والاحتياط.
فهناك وجوه أربعة :
أحدها : أن يتعيّن عنده نفس العمل تفصيلا من واجباته ومندوباته ، لكن يتعلّق الجهل بموانعه وما يقضي بفساده. وحينئذ لا إشكال ظاهرا في الصحّة بعد تركه جميع ما يحتمل كونه مانعا ، لقطعه حينئذ بأدائه مطلوب الشارع. وعدم تعيّن المانع في نظره تفصيلا لا يمنع من الصحّة بعد علمه إجمالا بخلوّ ما أتى به من العبادة عن جميع الموانع قطعا وإتيانه بما أمر به يقينا. والظاهر أنّه يجري ذلك بالنسبة إلى الشرائط أيضا ، فإذا أتى بكلّ ما يحتمل الشرطيّة حينئذ كان كافيا في الحكم بالصحّة إلّا أن يكون هناك مانع آخر.
ثانيها : أن يتبيّن عنده أجزاء العبادة تفصيلا ويتميّز له من غيرها ، لكن لا يتميّز عنده الواجب من الأجزاء عن ندبها. فإن اعتبرنا نيّة الوجه ثمّ اعتبرناها بالنسبة إلى الأجزاء أيضا تعيّن عليه التميّز ولم يصحّ العبادة من دونها مع إمكانها في شأنه ، إلّا أنّ القول باعتبار نيّة الوجه ضعيف ، وأضعف منه اعتبارها في الأجزاء ، فلا مانع إذن من الصحّة مع الجهل المذكور أيضا إذا أتى بالجميع ، لعلمه حينئذ بأداء الواجب. نعم إذا أراد ترك شيء منها لم يجز له ذلك إلّا بعد الرجوع والاستعلام.
ثالثها : أن لا يتميّز عنده أجزاء العبادة من غيرها إلّا أنّه ينحصر عنده في