الدرهم إلى الفقير ونحو ذلك. ولو لم يصحّ حمله على ذلك لزم حمله على العموم ، ومن ذلك قضاء المقام به ـ حسب ما قرّرناه في إرجاع المفرد المحلّى إلى العموم من جهة الحكمة ـ بأن يجعل المعنى الجنسي مرآتا لملاحظة الأفراد المندرجة تحته ، ويحكم عليه من حيث اتّحاده بها فيراد به استغراق الأفراد الشائعة ـ حسب ما مرّ ـ كما في البيع حلال ، واليقين لا ينقض بالشكّ ، والشكّ لا عبرة به بعد الفراغ ، ونحوها.
قال الشهيد رحمهالله في التمهيد : إذا احتمل كون «ال» للعهد وكونها لغيره ، كالجنس أو العموم ، حملت على العهد ، لأصالة البراءة عن الزائد ، ولأنّ تقدّمه قرينة مرشدة إليه ، ومن فروعها : ما لو حلف أن لا يشرب الماء ، فإنّه يحمل على المعهود ، حتّى يحنث بنقضه إذ لو حمل على العموم لم يحنث. ومنها : أنّه إذا حلف أن لا يأكل البطّيخ ، قال بعضهم : لا يحنث بالهندي ، وهو الأخضر. وهذا يتمّ حيث لا يكون الأخضر معهودا عند الحالف إطلاقه عليه إلّا مقيّدا. ومنها : الحالف بأن لا يأكل الجوز ، لا يحنث بالجوز الهندي. والكلام فيه كالسابق ، إذ لو كان إطلاقه عليه معهودا في عرفه حنث به ، إلّا أنّ الغالب خلافه ، بخلاف السابق ، فإنّه على العكس.
قلت : أمّا ما ذكره من تقديم العهد على المعنيين فهو المتّجه ، كما عرفت لكن الوجه فيه ما ذكرنا ، وكأنّه أشار بتعليله الثاني إليه ، وأمّا تعليله الأوّل : فهو إن تمّ فلا يفيد انصراف اللفظ ودلالته عليه ، بل غاية ما يدلّ عليه أنّه بعد الدوران بين العهد والعموم يكون المعهود متعلّقا للتكليف على الوجهين ، وتعلّق التكليف بغيره مبنيّ على احتمال كونه للعموم ، وبمجرّد الاحتمال لا يثبت التكليف فيدفع الزائد بالأصل ، فيكون القدر الثابت من اللفظ هو ثبوت الحكم للمعهود دون غيره ، ولا بأس بذكره في المقام لموافقته للأوّل في الثمرة.
وأورد عليه بعض الأفاضل : أنّه لا يقتضي ما ذكره إلّا عدم ثبوت التكليف في غير المعهود ، لعدم العهد بأزيد منه ، لا أنّ المتكلّم استعمل اللفظ في العهد. فالأولى أن يقال : في موضع أصالة البراءة أصالة عدم ثبوت الحكم إلّا في المعهود ، يعني