وأمّا الثاني فللزوم تحصيل الحاصل ، فتعيّن أن يكون بيانا لا رفعا.
ثانيها : أنّ طروّ الطارئ إن كان حال كون الأوّل معدوما لم يكن رافعا لوجوده كما هو المدّعى ، وإن كان حال كونه موجودا فقد اجتمعا في الوجود فلا يتباينان حتّى يكون رافعا له.
ثالثها : أنّ الحكم هو الخطاب فهو قسم من الكلام ، ومع قدم الكلام لا يتصور رفعه.
رابعها : أنّ الحكم الطارئ ضدّ للسابق ، لامتناع اجتماعهما فالقول برفع اللاحق للسابق ليس بأولى من رفع اللاحق بالسابق ، إذ لا وجه لقوّة اللاحق على السابق ، أقصى الأمر أن يتساويا.
خامسها : أنّ طريان الطارئ مشروط بزوال السابق لامتناع اجتماع الضدّين فيشترط في وجوده انتفاء ضدّه ، لكونه مانعا من حصوله ، وانتفاء المانع من جملة الشرائط ، وأيضا طريان الطارئ مشروط بمحلّ يطرأ عليه ، وليس كلّ محلّ قابلا لحلول كلّ عرض ، بل لابدّ من محلّ خاصّ قابل لعروضه وإنّما يكون قابلا إذا خلا عن ضدّه ، فإذا ثبت توقّف طروّ الطارئ على زوال الباقي فلو كان زوال الباقي موقوفا بطريان الطارئ لزم الدور.
سادسها : أنّه يستلزم البداء ، فإنّه إذا نهى عن الشيء بعد أن أمر به فقد بدا له حتّى عدل الأمر إلى النهي.
سابعها : أنّ علمه تعالى إن تعلّق باستمرار الحكم استحال رفعه ، وإلّا لزم انقلاب علمه تعالى جهلا ، وإن تعلّق باستمراره إلى الوقت المعيّن بطل القول بالرفع ، إذ لا بقاء له إلى ذلك الوقت ، بل يستحيل وجوده فيه للزوم انقلاب علمه تعالى جهلا ، وإن كان ممتنع الوجود لذاته امتنع أن يكون ممتنعا لغيره.
ويدفع الأوّل : أنّها شبهة مصادمة للضرورة قاضية بعدم إمكان رفع شيء من الأشياء ، لجريان الكلام المذكور بعينه في كلّ منها ، مثلا يقال : «إنّ الحياة الزائلة بالقتل إمّا الموجودة حين وجود السبب المفروض أو المعدومة ... إلى آخره»