وقد يضمّ إلى ذلك تلقّيهم لها بالقبول ، ولا يستلزم اشتهار الرواية ندور ما يقابلها ، بل قد يكون ذلك أيضا مشهورا ، وفي مقبولة عمر بن حنظلة وغيرها دلالة عليه.
وقد يجتمع الشهرتان في بعض الأحيان ، وليست الشهرة في الرواية مقصودة بالبحث في المقام ، بل المبحوث عنه هنا هو الشهرة في الفتوى.
والمشهور بين الأصحاب من قدمائهم ومتأخّريهم ، بل لا خلاف يعرف فيه بينهم ـ إلّا ممّن عبّر عنه الشهيد رحمهالله ببعض الأصحاب واستقر به ـ عدم حجّية الشهرة وعدم جواز الاتّكال عليها بمجرّدها في إثبات الأحكام الشرعيّة.
والظاهر عدم حجّيتها عند معظم العامّة أيضا ، ولذا لم يتداول عدّها في عداد الأدلّة الشرعيّة في الكتب الاصوليّة ولا استندوا إليها في إثبات الأحكام في الكتب الاستدلاليّة ، بل لا زالوا يطلبون الدليل على الأحكام المشهورة ويناقشون في أدلّتهم المذكورة.
ومن المثل السائر في الألسنة ـ في مقام عدم الاعتداد بالشهرة ـ «ربّ مشهور لا أصل له».
نعم ربّما استند إليها العلّامة رحمهالله في المختلف في بعض المسائل على سبيل الندرة ، وليس ذلك اعتمادا منه على مجرّد الشهرة ، بل لا يبعد أن يكون من قبيل ضمّ المؤيّدات إلى الأدلّة حسب ما هو ديدنه في كتبه الاستدلاليّة. كيف! ولو كان ذلك حجّة لشاع ذلك عنه وأشار إليه في كتبه الاصوليّة وتكثّر استناده إليها في كتبه الاستدلاليّة. وإنّما ظهر الخلاف فيه عن نادر من علمائنا مجهول عبّر عنه الشهيد رحمهالله ببعض الأصحاب واستقر به رحمهالله لكن لم نجد جريه عليه في كتبه الاستدلاليّة ، فقد لا يكون مقصوده بالاستقراب حكما أو لا يكون مقصود القائل ومقصوده الاستناد إلى مجرّد الشهرة ، بل المراد التمسّك بالقطع بوجود المستند الشرعي من اتّفاق الجماعة ، فيدور الحكم مدار ذلك القطع كما هو أحد الطرق المتقدّمة في الإجماع ، فيكون مقصوده صحّة التمسّك به من جهة حصول ذلك القطع كما يومئ إليه تعليله الأوّل «وإن لم يكن مفيدا للقطع أو الظنّ بالواقع»