الشبهة وانتفاء الدليل القاطع على حكم المسألة ، وحينئذ أورد عليه بمنع المقدّمة المذكورة حيث لم يثبته المستدلّ ولم يقم عليها حجّة ، بل لم يأخذها في الاحتجاج. فمنع المنع المذكور ممّا لا وجه له ، لاكتفاء المورد في المقام بمجرّد الاحتمال الهادم للاستدلال.
وأمّا على ما ذكره ثانيا : فبأنّ القول بعدم وجوب تحصيل القطع بعد انسداد سبيله لا يقتضي إثبات المقدّمة المذكورة ، لقيام الاحتمال المذكور في ما انسدّ فيه سبيل العلم ، كيف؟ ومن البيّن أنّه بعد انسداد سبيل العلم لا يتصوّر التكليف بتحصيل العلم ، ومع ذلك ذهب الأخباريّون في غير المعلومات إلى وجوب التوقّف والاحتياط.
نعم قد يريد بذلك انسداد سبيل العلم في معظم المسائل مع القطع ببقاء التكليف بعده ، فيثبت بذلك المقدّمة الممنوعة حسب ما ذكر ذلك في الدليل الأوّل حيث أثبت بهاتين المقدّمتين كون المكلّف به هو العمل بغير العلم ، فحينئذ يرد عليه ما مرّ في الدليل المتقدّم مع أنّ ذلك غير مأخوذ في هذا الاستدلال.
وأمّا على ما ذكره ثالثا : فبأنّ عدم ثبوت دليل قاطع أو منته إلى القطع كاف في التوقّف عن الفتوى ، فإنّ الحكم بالشيء يحتاج إلى الدليل لا التوقّف عن الحكم ، سيّما بعد حكم العقل والنقل بقبح الحكم من غير دليل وحرمته في الشريعة ، فإذا لم يثبت حينئذ جواز العمل بمطلق الظنّ كان قضيّة ما ذكرناه التوقّف عن الفتوى قطعا ، وحيث لم يقطع حينئذ بجواز البناء على نفي التكليف رأسا كان اللازم في حكم العقل من جهة حصول الاطمئنان بدفع الضرر هو الأخذ بالاحتياط.
نعم لو قام دليل قاطع على جواز الأخذ بغيره كان متّبعا ولا كلام فيه ، وأمّا مع عدم قيامه فلا حاجة في إثبات وجوب الاحتياط إلى ما يزيد على ما قلناه.
وأمّا على ما ذكره رابعا : فبأنّ ما ينسدّ فيه سبيل الاحتياط لا يجب فيه الحكم بأحد الجانبين إلّا مع قيام الدليل على تعيين أحد الوجهين ، بل لابدّ مع عدم قيام الدليل كذلك من التوقّف عن الفتوى.