لا يقتضي إرادة
تفهيمه بذلك الخطاب حتّى يكون الكلام الوارد منه عليهالسلام بمنزلة كلام المصنّفين وخطابهم المقصود منه إفهام الجميع.
وهذا الوجه وإن لم
يكن بعيدا بالنسبة إلى الكتاب ـ فإنّ الظاهر كونه موضوعا لإفهام الامّة واستفادتهم
منه بالتدبّر فيه والتأمّل في معانيه إلى يوم القيامة على ما هو الظاهر من وضع الكتب
ويستفاد من بعض الأخبار أيضا ـ إلّا أنّه لم يقم عليه دليل قاطع ، فلا يخرج أيضا
من دائرة الظنّ المطلق ، ولا دليل على حجّية ذلك الظنّ المخصوص ، فلا فائدة في
ادراج خطاباته تحت القسم المذكور إلّا مع إقامة الدليل القاطع عليه لا بدونه ، كما هو
الواقع.
فظهر بما ذكرنا
أنّه ليس شيء من الظنون الحاصلة عندنا ممّا قام الدليل على حجّيته على سبيل السلب الكلّي ، ولا يتمّ القول بحجّية شيء منها
إلّا بالدليل العامّ القاضي بحجّية ظنّ المجتهد مطلقا. هذا كلّه بالنسبة إلى السند
والدلالة.
ثمّ يأتي بعد ذلك
ملاحظة التعارض الحاصل بينهما ، فإنّه لا يحصل دليل ظنّي خال عن المعارض بالمرّة
وعلاج التعارض بين الأدلّة من الامور الظنّية في الأغلب ، والأخبار الواردة فيه مع
كونها ظنّية معارضة أيضا ، ولا يستفاد المقصود منها إلّا بالظنّ ، فهو ظنّ في ظنّ.
قلت : أمّا
المناقشة في قطعيّة حجّية الكتاب من جهة وقوع الخلاف فيها فهو أوهن شيء ، لوضوح
أنّ مجرّد وقوع الخلاف في مسألة لا يقضي بكونها ظنّية كيف! وأغلب المطالب
الكلاميّة ممّا وقع الخلاف فيها من جماعة من العقلاء ، ومع ذلك فالحكم فيها من
القطعيّات ، وليس المدرك لحجّية الكتاب منحصرا في الإجماع حتّى يناقش من جهة وجود
الخلاف ، وعلى فرض انحصار دليله القطعي فيه ووجود الخلاف فيه من الجماعة مسبوق
بالإجماع ، بل قد يدّعى قيام الضرورة عليه ، وقد بلغت تلك المسألة في الوضوح مبلغا
لا يلتفت معه إلى الخلاف المذكور ولا إلى الشبهة الواردة فيها.
__________________