وبيان الأحكام المتعلّقة بمفاهيم تلك الألفاظ المنضمّة بعضها إلى البعض ، فإذا لم يرد في الكلام إسناد إلى مفهوم العامّ ولا إسناد إلى شيء إسنادا تامّا أو ناقصا لم يكن هناك فائدة في إرادتها ، وكان إخراجا (١) ممّا هو ملحوظ الواضع في وضع الألفاظ. كذا ذكره بعض الأفاضل.
وأنت خبير بوهن الكلّ.
أمّا الأوّل : فلأنّ من الواضح أنّه ليس المراد بإخراج المستثنى عن المستثنى منه إخراجه من جملتها بحسب الخارج ، ولا إخراجه عن كونه مدلولا له ، ضرورة حصول الدلالة بعد ثبوت الوضع ، ولا إخراجه عن المراد من اللفظ ، فإنّه غير معقول على سبيل الحقيقة ، الّا أن يراد الإخراج عن ظاهر اللفظ ليكون قرينة على كون المراد هو الباقي ، لكنّه مخالف لصريح ما بنى عليه الجواب المذكور. فالمراد إخراجه عنه من حيث كونه متعلّق الحكم ، فإنّ ظاهر تعليق الحكم على العامّ شموله لجميع جزئيّاته ، فيكون إخراجا لبعض مدلوله من كونه متعلّقا للحكم فيختصّ الحكم بالباقي.
وهذا الوجه كما ترى ممّا لا ربط له بما ذهب إليه أبو حنيفة ، إذ يصحّ مع القول به ، لكن (٢) دلالة الاستثناء على مخالفة حكم المستثنى للمستثنى منه وعدمها ، فإنّ دلالته على مخالفة حكم المستثنى للمستثنى منه بحسب الواقع وعدمها مبنيّة على كون الإخراج بملاحظة ما حكم به المتكلّم من الإثبات والنفي ، أو بملاحظة الواقع ـ أعني المطابقة لتلك النسبة الإيقاعيّة ـ فإن كان بملاحظة الثاني كما هو المشهور ويدلّ عليه ظاهر اللفظ تعيّن الأوّل ، وإن كان بملاحظة الأوّل تعيّن ما ذهب إليه أبو حنيفة. وهذا ممّا لا ربط له بكون الإسناد قبل الإخراج أو بعده.
نعم لو توهّم كون الإخراج عن معناه الأفرادي من دون ملاحظة الإسناد والحكم أصلا توجّه ذلك ، إلّا أنّه توهّم فاسد لا مجال له في المقام كما عرفت.
وأمّا الثاني : فلابتنائه على كون مراد المجيب بإخراج المستثنى عن المستثنى
__________________
(١) في «ق ١» و «ق ٢» : خارجا.
(٢) خ ل ، بكلّ من دلالة.