الضرورة ، فيتوقّف ثبوتها الواقعي على صحّة الدين بحسب الواقع ؛ ولذا زاد في التهذيب وغيره لإخراج ضروريات الدين قيدا آخر ، وهو أن لا يعلم ثبوتها من الدين ضرورة.
ثمّ أقول : الظاهر أنّ الفقه بحسب مصطلحهم اسم للعلم بالمسائل التي لا يكون ثبوتها عن صاحب الشريعة من الضروريّات عند الامّة ، سواء كان ثبوتها عنه ضروريّا عند ذلك العالم أو لا ، إذ من البيّن أنّ الراوي الّذي سمع الحكم مشافهة من النبيّ صلىاللهعليهوآله يكون ثبوته عن صاحب الشريعة ضروريّا عنده مع أنّ علمه من الفقه قطعا ، وكذا الحال في ضروريّات المذهب دون الدين ، سيّما ما كان من ضروريّات المذهب عند العلماء خاصّة أو بلغ في الوضوح عند الناظر إلى حدّ الضرورة ، فإنّ الظاهر إدراج الجميع في الفقه ، فإخراج مطلق الضروريّات ليس على ما ينبغي ؛ وإنّما حكمنا بخروج ضروريّات الدين ، لتصريح جماعة منهم بذلك مع مساعدة ظاهر الإطلاقات المؤيّد ببعض الاعتبارات ، كما سنشير إليه.
وما ذهب إليه بعض الأفاضل تبعا لما حكاه عن الأخباريّين : من إدراجها أيضا في الفقه محتجّا بأنّ البداهة والضرورة لو أخرجتا بعض الأحكام عن الفقه للزم أن يكون ضروريّات المذهب كذلك أيضا وهم لا يقولون به ـ مع أنّ كثيرا من ضروريّات الدين والمذهب إنّما صار ضروريّا في أواسط الإسلام بعد إقامة الدلائل وتظافر الخواطر من المجتهدين والمحدّثين من أهل مذهب الإسلام حتّى انتهى الأمر في هذه الأعصار وما قبلها فصارت ضرورية ـ فاسد ، إذ بعد نصّ جماعة من أعاظم أهل الاصطلاح على خروجها عن المصطلح لا يتّجه المناقشة فيه ، سيّما بعد مساعدة ما هو الشائع من إطلاقاتهم عليه.
ودعوى كون ذلك من المعاني الشرعيّة المأخوذة عن صاحب الشريعة ممنوعة ، كما تقدّمت الإشارة إليه.
والقول بلزوم إخراج سائر الضروريات لا وجه له ، إذ ليس مجرّد ثبوته على سبيل الضرورة عند العالم به قاضيا بذلك ، كيف! ولو كان كذلك لزم أن لا يكون من