التصديق بها إلّا بنوع من التأويل ، إذ لا يتعلّق التصديق إلّا بالنسبة. وإن فسّر بانتساب تلك المحمولات إلى موضوعاتها نسبة تامّة ـ كما هو أحد الوجهين في تفسيرها ـ صحّ تعلّق التصديق بها من غير تأويل ، إذ المراد بها إذا نوع خاصّ من النسب التامّة. وعلى أيّ من الوجهين يكون قيد «الشرعية» توضيحيّا ، إذ لا يكون الحكم المذكور إلّا شرعيّا.
وربّما يقال بإخراجه الأحكام الغير الشرعيّة كالوجوب الّذي يذكر في سائر العلوم والصنائع أو الحاصل بمقتضى العادة.
وفيه : أنّ ذلك خارج عن المصطلح قطعا ، كما يظهر من ملاحظة حدودها المذكورة في كتب الاصول.
وقد يجعل حينئذ قيد «الفرعيّة» أيضا توضيحيّا بناءا على دعوى ظهور الأحكام في الشرعيّة الفرعيّة ، كما يتراءى ذلك من حدّه المعروف. ولا يخلو عن تأمّل ، إذ الوجوب المتعلّق بالعقائد الدينيّة أو المسائل الاصوليّة ـ كوجوب العمل بالكتاب والسنّة ـ مندرج في الاصطلاح قطعا ، وكذا غيره من الأحكام ، فلا وجه لانصرافها إلى خصوص الفرعيّة مع شيوع إطلاقها على غيرها أيضا وشمول المصطلح للأمرين ، كما هو الظاهر من ملاحظة الاستعمالات.
وقد يقال : بأنّ الاصطلاح إنّما يثبت للحكم مقيّدا بالشرعي ؛ ولذا عرّفوا الحكم الشرعي في المبادئ الأحكاميّة بالمعنى المذكور ، وقسّموه إلى الأقسام المعروفة ، فلا يكون التقييد بالشرعيّة أيضا لغوا.
هذا ، وقد ظهر بما قرّرناه رجوع الوجوه الثلاثة المتأخّرة إلى وجه واحد ، وهو القدر الجامع بين الأحكام الشرعيّة ، ويبنى شموله للأحكام الوضعية وعدمه على الخلاف المذكور.
والمراد ب «الشرعيّة» المنتسبة إلى الشرع وإن كان إدراكها بمحض العقل من غير توسّط بيان الشارع أصلا كما قد يتّفق في بعض الفروض ، أو كان العلم بها بملاحظة بيانه كما هو الحال في معظم المسائل ، أو كان معلوما بالوجهين.