إلّا أنّ استعمال المشترك في معانيه لا يقضي بذلك أصلا.
ومع الغضّ عن ذلك فالمفروض في محلّ النزاع استعمال المشترك في معانيه التي يمكن الاجتماع بينها في الإرادة حسب ما مرّ ، فعلى فرض كون المعنيين معا معنى ثالثا لا يلزم من القول بجواز استعمال المشترك في معانيه أن يراد أيضا ، لعدم إمكان إرادته أيضا نظرا الى ما قرّره من لزوم التناقض ، فليكن المراد حينئذ هو كلّ منهما منفردا ، وبه يحصل ما هو المقصود.
على أنّا نقول : إنّ موضع النزاع هو المعنى الثالث على ما يقتضيه جعله مقدّما في القياس الأوّل ، فما ذكر في تالي القياس الثاني من لزوم كونه مريدا لأحدهما خاصّة غير مريد له كذلك فاسد ؛ إذ مع إرادة المعنيين معا لا يراد كلّ منهما منفردا ، غاية الأمر أن لا يكون ذلك استعمالا له في معانيه ، بل في معنى واحد ، ولا مناقشة فيه بعد وضوح المراد.
قوله : (والجواب : أنّ ذلك مناقشة لفظية ... الخ)
هذا الجواب ينطبق على التقرير المتقدّم ، وقد عرفت بعده من كلام المستدلّ كيف! وكثير من مقدّماته المذكورة حينئذ مستدركة ، ولا حاجة فيه الى التطويل المذكور حسب ما أشرنا إليه.
قوله : (فإن أفاد المفرد التعدد أفاد ... الخ)
الظاهر أنّه أراد بما ذكره أوّلا من كونهما مفيدين للتعدّد ، هو الدلالة على تعدّد المفرد، وبما ذكره ثانيا هو الدلالة على تعدّد نفس المعنى فهما مستقلّان في الدلالة على التعدّد ، لكن على الوجه الأوّل ، وهو الفارق بينهما وبين المفرد ، وأمّا دلالتهما على التعدّد بالوجه الثاني فتابعة لإفادة المفرد إيّاه.
قوله : (فإنّ السجود من الناس ... الخ)
لا يخفى أنّ قضية ظهور المشترك في جميع معانيه أن يكون المنسوب في الآيتين الى كلّ من المعطوف والمعطوف عليه هو جميع المعاني ، كما هو شأن الدلالة على العموم عند إسناد العامّ الى كلّ من المذكورات ، وليس مفاد الآيتين ذلك ولا ادّعاه المستدلّ ، فلا يطابق ما ادّعوه.