واشتريت العبد ، وبعت الدابّة ، وخرجت من الدار ، ودخلت البلد ... الى غير ذلك من الاستعمالات الكثيرة إنّما يريد من تلك الألفاظ الامور الخارجية كما هو ظاهر من ملاحظة الخطابات العرفيّة ، فلو كانت هي الموضوع لها فهو المدّعى وإلّا لزم أن تكون تلك الاستعمالات كلّها مجازات ، من جهة مشاكلة تلك الامور الخارجيّة لصورها الذهنيّة ، وهو واضح الفساد ؛ لأدائه الى انسداد باب الحقيقة والتزام التجوّز في جميع الألفاظ المتداولة ، وهو مع مخالفته للأصل ضرورة كون الأصل في الاستعمال الحقيقة باطل بالاتفاق.
ويمكن الإيراد عليه من وجوه :
أحدها : المنع من استعمال تلك الألفاظ في الامور الخارجيّة ، بل إنّما استعملت في الامور الذهنيّة من حيث كونها مرآة للامور الخارجيّة ، فالانتقال من تلك الألفاظ الى الامور الخارجية بواسطة تلك الصور الذهنيّة ، فقضيّة الدليل المذكور إبطال القول بوضعها للامور الذهنيّة من حيث حصولها في الذهن ، وذلك ممّا لا يتوهّمه أحد في المقام كما مرّ.
وأمّا وضعها للصور الذهنيّة من حيث كونها مرآة لملاحظة الامور الخارجيّة وآلة موصلة اليها فلا ؛ إذ غاية ما يسلّم من ملاحظة الأمثلة المذكورة وغيرها هو كون الحكم واقعا على الامور الخارجيّة ، وهو لا يستلزم استعمال اللفظ فيها ؛ إذ قد تكون تلك الألفاظ مستعملة في تلك الصور الموصلة الى تلك الامور حيث جعلت مرآة لملاحظتها فوقع الحكم عليها.
ثانيها : المعارضة بالألفاظ المستعملة في المعدومات من الممتنعات وغيرها ، كشريك الباري ، واجتماع النقيضين ، والعنقاء ، وذي الرؤوس العشرة من الإنسان ونحوها ، فإنّ استعمالها في معانيها حقيقة قطعا ولا وجود لشيء منها في الخارج حتى يعقل كونها موضوعة للامور الخارجيّة.
ثالثها : المعارضة أيضا بصدق أحكام كثيرة على المفاهيم ممّا لا تحقّق لها إلّا في الذهن، مثل قولك : «الانسان نوع» و «الحيوان جنس» و «الجوهر صادق