الاشتراك والمجاز في اعتبار القرينة وحصول التفاهم معها على الوجهين ، فلا يترتّب حينئذ على الوضع فائدة يعتدّ بها ، مع ما فيه من المفسدة ؛ ولذا يقلّ الاشتراك فيما هو من هذا القبيل.
وقد يقرّر كثرة المجاز بوجه آخر ، وهو أن يقال : إنّ المعاني المجازيّة للألفاظ إذا لوحظت بالنسبة إلى معانيها الحقيقيّة كانت أكثر منها جدّا ؛ وهو أحد الوجوه فيما اشتهر بينهم من أنّ أغلب اللغة مجازات ، وحينئذ فيلحق المشكوك بالأعمّ الأغلب ، وعلى هذا يندفع عنه بعض ما ذكر من الإيراد من غير حاجة إلى ملاحظة ما ذكر. نعم قد يرد النقض بمتّحد المعنى مع البناء فيه على أصالة الحقيقة ويمكن دفعه بما مرّ هناك.
الثالث : أنّ في الاشتراك مخالفة لما هو الغرض الأهمّ في وضع الألفاظ ؛ لإخلاله بالتفاهم والاحتياج معه إلى القرينة في فهم المراد ، فالظاهر عدم ثبوته إلّا في موضع دلّ الدليل عليه أو قام بعض الشواهد المرشدة إليه.
الرابع : كثرة المؤن في الاشتراك ؛ لاحتياجه إلى وضع وقرينتين بالنسبة إلى المعنيين بخلاف المجاز ، فإنّه لا يحتاج إلّا إلى قرينة واحدة. وما يتوهّم من أنّ المؤن فيه أكثر ؛ نظرا إلى افتقاره إلى وضعين وعلاقة وقرينتين مدفوع بأنّ المفروض في المقام ثبوت الوضع لأحد المعنيين في الجملة ، وحصول العلاقة المصحّحة للتجوّز والترخيص في استعمال المجاز حاصل على سبيل العموم ، فلا حاجة إلى حدوث وضع في المقام ، فلا يبقى هناك إلّا اعتبار القرينة وهي متّحدة في الغالب.
نعم ، قد يقال بأنّه لا بدّ في المجاز من ملاحظة المعنى الحقيقي وملاحظة الوضع بإزائه وملاحظة المعنى المجازي والعلاقة الحاصلة بينه وبين المعنى الحقيقي وملاحظة الوضع الحاصل في المجاز واعتبار القرينة الصارفة بل المعيّنة أيضا إن احتيج إلى المتعدّد ، بخلاف البناء على الاشتراك للاكتفاء فيه بالوضع وملاحظته وذكر القرينة. فتأمل.