أن يكون في جهة الاشتراك ما يعارضه كان المجاز هو الظاهر ؛ لإفادة الأصل ظنّا بمؤدّاه في مثل ذلك.
نعم ، إذا قام في جهة الاشتراك مرجّح آخر بحسب المقام وحصل الشكّ لزم الوقف إلى أن يحصل مرجّح يوجب غلبة الظنّ بأحد الجانبين ، وهو خارج عن محلّ الكلام.
الثاني : أنّ المجاز أغلب من الاشتراك ، فإنّ الألفاظ المستعملة في معان متعدّدة مجاز فيما يزيد على المعنى الواحد في الغالب ، وما هو حقيقة في المعنيين فما فوقهما قليل بالنسبة إليه ، والظنّ إنّما يلحق الشيء بالأعمّ الأغلب.
ويرد عليه تارة أنّ الاشتراك أغلب من المجاز ؛ إذ أكثر المواد المذكورة في كتب اللغة قد ذكر لها معان عديدة ، فلو لم تكن حقيقة في الكلّ فلا أقلّ من كونها حقيقة غالبا فيما يزيد على المعنى الواحد ، وكذا الحال في الحروف والأفعال ، كما يظهر من ملاحظة كتب العربيّة ، ثمّ مع الشكّ في كون تلك المعاني حقائق أو مجازات فقيام الاحتمال كاف في هدم الاستدلال ؛ إذ لا يثبت معه كثرة المجاز بالنسبة إلى الاشتراك ليتمّ الاحتجاج.
واخرى بأنّا إذا سلّمنا قلّة الاشتراك بالنسبة إلى المجاز فليس كلّ قلّة وكثرة باعثا على حصول الظنّ في جهة الكثير ، بل يعتبر في الكثرة المفيدة للمظنّة أن يكون ما يقابلها نادرا في جنبها حتى يحصل الظنّ بكون المشكوك فيه من الغالب ؛ إذ من البيّن أنّ مجرّد الغلبة مع شيوع مقابله أيضا لا يفيد ظنّا بكون المشكوك من الغالب كما هو ظاهر من ملاحظة نظائر المقام ، وكون الكثرة في المجاز على النحو المذكور ممنوع ؛ بل الظاهر خلافه.
وقد يجاب عن الأوّل بأنّه لا تأمّل في غلبة الحقيقة والمجاز على الاشتراك ، ألا ترى أنّ معظم المخاطبات خالية عن الاشتراك ، وهو مع كمال ظهوره مقتضى الحكمة الباعثة على الوضع ؛ إذ لو لا ذلك لافتقر معظم الاستعمالات إلى ضمّ القرائن المعيّنة للمراد.