المعنى الحقيقي بنفسه لا ملاحظته بعنوان كونه معنى حقيقيّا ، والمعلوم بالعلامة المفروضة هو الصفة المذكورة ، غاية الأمر أن يلاحظ مع نفس المعنى ما يتعيّن به كونه معنى حقيقيّا في الواقع حتّى لا يحتمل بحسب الواقع أن يكون المحكوم بعدم صحّة سلبه غير ذلك ، وذلك كان يعتبر فيما يحكم بعدم صحّة سلبه أن يكون هو المعنى المفهوم منه حال الإطلاق حسب ما أشرنا إليه ؛ إذ ليس ذلك إلّا معناه الموضوع له بحسب الواقع وإن لم يلاحظ بعنوان أنّه الموضوع له ، فلا دور بالتقرير المذكور. وأيضا المعنى الحقيقي الملحوظ في جانب المحمول إنّما هو الأمر الإجمالي فيعلم من عدم صحّة سلبه عن ذلك المعنى كونه عين ذلك ، فتعيّن ذلك الحمل حاصل بإعمال العلامة المذكورة وأمّا العلم بالموضوع له على جهة الإجمال حسب ما اعتبر في المحمول فهو حاصل قبل إعمال العلامة المذكورة فيكون اللازم توقّف معرفته التفصيلي على المعرفة به على نحو الإجمال ولا ضير فيه. هذا كلّه بالنسبة إلى الوجهين الأوّلين من الوجوه الثلاثة المذكورة عدا الصورة الاولى من الاحتمالين المذكورين في الوجه الأوّل ، فيتعيّن فيه الجواب بالرجوع إلى العالم.
وأمّا بالنسبة إلى الوجه الثالث فيندفع بما تقدّم من الوجهين في جواب الدور الوارد على التبادر ؛ لاتّحاد منشأ الإيراد في المقامين ، وكذا الحال فيما قرّرناه أخيرا في بيان الدور ، ويجري فيه أيضا ما حكيناه هناك عن بعض الأفاضل من الجواب بمنع كون فهم المعنى متفرّعا على العلم بالوضع مع ما يرد عليه ممّا مرّ
__________________
ـ ومما قرّرنا يظهر ما في كلامه قدسسره من أنّ هذا التقرير في إيراد الدور في المقام نظير ما مرّ في إيراده على التبادر مشيرا به إلى أنّ الجواب عنه أيضا نظير الجواب عنه ، كيف! ولزوم تحقق العلامة عند المستدل بها كما أشرنا إليه سابقا قاض بلزوم تصوّر المستدل لمعنى المراد المعتبر في المحمول سواء أراد الاستدلال بها على الوضع وعلى العلم به سواء كان الحاكم بعدم صحّة السلب المذكور هو المستدل أو غيره من العالمين بالوضع ، فلا الدور المذكور نظير الدور الوارد على التبادر ولا الجواب عنه بالوجهين المذكورين بمجد هنا كما اتضح الوجه في ذلك كلّه مما قرّرنا. للشيخ محمد.
أثبتناه من هامش المطبوع ـ ١.