أو غيره ، وعلى التقديرين فإمّا أن يعلم انتفاء القرائن المتّصلة أو المنفصلة أو لا ، فمع العلم بالخلوّ عن القرينة المانعة لا تأمّل في إجراء الأصل من المخاطب وكذا من غيره ، وأمّا مع انتفاء العلم بها وعدم اطّلاعه على قيامها فهو أيضا حجّة بالنسبة إلى المخاطب ؛ لجريان الطريقة عليه من غير توقف على الاستفسار ولو مع إمكانه حسب ما بيّناه. وورود السؤال حينئذ عن حقيقة الحال في بعض الموارد من جهة الاحتياط والأخذ بالجزم ، لا لعدم جواز الأخذ بالظاهر.
وأمّا بالنسبة إلى غير المخاطب سيّما مع عدم الحضور في مجلس الخطاب فقد يتأمّل في جريان الأصل المذكور ، خصوصا مع طول المدّة وتعارض الأدلّة وظهور القرائن المنفصلة الباعثة على الخروج عن الظاهر بالنسبة إلى كثير من الخطابات الواردة ؛ إذ الأخذ بالأصل المذكور في ذلك غير ظاهر من الدليل المتقدّم لعدم ابتناء المخاطبات العرفيّة على مثل ذلك ليمكن الاستناد فيه إلى الوجه المذكور.
نعم ، الدليل على الأخذ بالظنون المتعلّقة بالأحكام الشرعيّة منحصر عندنا فيما دلّ على حجّية مطلق الظنّ بعد انسداد باب العلم ، فيتفرّع ذلك على الأصل المذكور دون ما ذكر من قيام السيرة القاطعة والإجماع المعلوم على حجّية الظواهر ؛ فإنّ القدر الثابت من ذلك هو القسم الأوّل خاصّة ، كذا يستفاد ممّا ذكره بعض أفاضل العصر.
قلت : من الواضح المستبين أنّ علماء الأعصار في جميع الأمصار مع الاختلاف البيّن في آرائهم وطرائقهم والتفاوت الواضح في كيفيّة استنباطهم وسلايقهم اتّفقوا على الرجوع إلى الظواهر المأثورة ، والاستناد إلى ما يستفاد منها والأخذ بما تدلّ عليها وإن اختلفوا في تعيين الحجّة منها بحسب الإسناد ، وما يصلح من تلك الجهة للاعتماد.
نعم ربّما وقع خلاف ضعيف لبعض متأخّري الأخباريّين في الظواهر القرآنية لامور اتّضح فسادها في محلّه.