وثانيا : ان هذا
الوجه الاعتباري أيضا غير تام ، وذلك لأن كل إطلاق بدلي يستلزم الإطلاق الشمولي من
حيث التطبيق لا محالة ، إذا امر المولى بإكرام العالم مثلا كان له ان يمنع عن
تطبيق الجامع على بعض الافراد إلزاما أو تنزيها ، كما كان له ان يأمر بتطبيقه على
بعض الافراد إلزاما أو استحبابا ، فإذا لم يفعل ذلك فقد خص المكلف في تطبيقه
الجامع على أي فرد شاء ، فثبت الترخيص الشرعي. وإطلاق هذا الترخيص شمولي فينحل إلى
ترخيصات عديدة ، فالمطلق البدلي إطلاقه من حيث الحكم الوجوبيّ بدلي ، ومن حيث
الحكم الترخيصي شمولي ، ولو قدم عليه الإطلاق الشمولي لزم إسقاط أحد هذه الأحكام
الترخيصية وان لم يلزم إسقاط حكم إلزاميّ ، فلا فرق بينهما من هذه الجهة.
ثانيها : ان سريان
الحكم في الإطلاق البدلي إلى جميع الاجزاء يتوقف على مقدمة زائدة على مقدمات
الحكمة المشتركة بين الإطلاق البدلي والشمولي ، وهي كون جميع الأفراد متساوية
الأقدام من حيث وفائها بغرض المولى ، واشتمالها على المصلحة أو المفسدة. فهذه
المقدمة معتبرة في الإطلاق البدلي دون الشمولي.
وذلك لأن المطلق
الشمولي كما عرفت ينحل إلى أحكام عديدة ، ولا مانع من اختلاف متعلقات الأحكام في
ملاكاتها ، كما لا يلزم فسادها في ذلك ، مثلا قتل النبي أعظم مفسدة من قتل المؤمن
، وهو من قتل المسلم وهكذا سائر المحرمات وكلها محرمة ، وكذا الواجبات.
وهذا بخلاف المطلق
البدلي ، فانه حكم واحد. وكون المكلف مخيرا في تطبيقه على أي فرد شاء انما هو فيما
إذا أحرز تساويهما في الوفاء بغرض المولى وفي اشتمالها على الملاك ، وإلّا فليس
للمكلف تطبيق الواجب عليه.
وعليه ففي فرض
المعارضة لا يمكن إحراز تساوي مورد الاجتماع مع غيره من الأفراد في ذلك ، لاحتمال
كونه مشتملا على مفسدة يزاحم بها المصلحة الموجودة فيه ، فلا يتحقق الإطلاق
بالقياس إليه.