الماءين على القاعدة. إلّا أن يقال : ان العلم الإجمالي الموجود في المقام إذا توضأ من الإناءين مانع عن الرجوع إلى قاعدة الطهارة ، فانه حين ملاقاة بعض جسده مع الإناء الثاني يعلم إجمالا بنجاسة ذاك الموضع من بدنه ، أو الموضع الآخر الّذي لم يلاق بعد مع هذا الإناء ، من غير فرق بين ان يكون الإناء الثاني كرا أو قليلا ، فان الارتماس الدفعي بحيث يرتمس جميع الأعضاء في الماء دفعة واحدة فرض لا واقع له ، فإذا فرضنا أنه طهر وجهه مثلا بالماء الثاني ، علم إجمالا بنجاسته أو نجاسة يده ، وهذا العلم يمنع الرجوع إلى قاعدة الطهارة ، فالحكم بالإهراق والتيمم يكون على القاعدة.
إلّا أن يقال : انه لا أثر لهذا العلم الإجمالي مع إمكان اليقين بالإتيان بصلاة صحيحة مع طهارة البدن والوضوء ، بأن يتوضأ بالإناء الأول فيصلي ، ثم يطهر المواضع بالإناء الثاني ويتوضأ منه ، ويعيد الصلاة ، فانه يقطع بتحقق صلاة تامة الاجزاء والشرائط وان علم إجمالا بنجاسة بعض مواضع جسده ، فالحكم بالإهراق والتيمم تعبد محض.
إلّا أن يقال : انه وإن أمكن إحراز صلاة تامة مع الطهارة المائية ، إلّا أن العلم الإجمالي له أثر بالنسبة إلى صلاته الآتية ، فان لازمه ان يطهر جميع مواضع الوضوء ، بل وكل ما لاقى الإناء الثاني من جسده أو لباسه بكل من الماءين والإتيان بالصلاة بعد كل منهما ، وهذا عسر منفي في الشريعة ، وبما أن التوضي بالإناءين مستلزم لهذا العسر أمر عليهالسلام بإهراقهما والتيمم ، فهو حكم على القاعدة.
وفيه : ان الميزان في العسر والحرج انما هو بالعسر الشخصي لا النوعيّ ، وبما ان لزوم العسر من ذلك مختص ببعض الموارد ، فلا عسر فيما إذا كان المكلف عالما بأنه يجد الماء الطاهر بعد ذلك لبقية صلواته ، فإطلاق الحكم بإهراق الإناءين لا بد وان يكون تعبدا محضا.