خارجا للحرمة لا يبقى شك في ارتفاع الحلية والطهارة السابقتين فيجري فيهما الاستصحاب.
وفيه : أولا : عدم ثبوت السببية رأسا ، لأنها فرع الاثنينية ، ولا تعدد للشك في المقام ، بل هو شك واحد متعلق بثبوت الحرمة الفعلية أو الحلية ، ناش من الجهل بكون الحلية والطهارة كانت مغياة بالغليان أو لم تكن بل كانت مطلقة.
وذلك لأن العصير قبل ان يغلي كان محكوما بحكمين ، أحدهما تعليقي ، والآخر تنجيزي ، ولم يكن بينهما تضاد ، لعدم فعلية أحد الحكمين. وأما بعد فعلية الغليان ، فيستحيل ثبوت كليهما ، لاستلزامه اجتماع حكمين فعليين مع تضادهما. وإثبات أحدهما مستلزم نفي الآخر عقلا ، فيعلم إجمالا بعدم ثبوت أحدهما ، ونسبة العلم الإجمالي إليهما على حد سواء فنشك في الثابت منهما ، وانه الحرمة أو الإباحة ، فأين التعدد والسببية.
وثانيا : نسلم السببية ، إلّا أنه كما عرفت ليس كل أصل جار في السبب يكون حاكما على الأصل الجاري في المسبب ، بل يعتبر فيها ان يكون ما تعلق به الشك المسببي من الآثار الشرعية المترتبة على الأصل السببي ، بحيث يكون جريانه رافعا للشك فيه تعبدا ، وليس المقام كذلك ، لأن ارتفاع الحلية الفعلية من الآثار العقلية المترتبة على بقاء الحرمة الفعلية ، من باب استحالة اجتماع الضدين ، فالحكومة ممنوعة.
فهذا الجواب لا يدع الإشكال.
ثانيهما : ما ذكره الآخوند قدس سرّه في الكفاية (١) ـ وهو الصحيح ـ من ان الحلية الفعلية لم تكن مطلقة ليشك في بقائها بعد الغليان ، بل هي مغياة بعدم الغليان ،
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ٣٢٢ ـ ٣٢٣.