استصحاب عدم تحقق الجنابة يعين تعبدا بقاء الحدث الأصغر وارتفاعه بالوضوء ، من غير فرق بين القول بأن الحدث الأكبر مضاد للأصغر ، والقول بأنه مرتبة شديدة منه ، أو القول بأنهما متخالفان يمكن اجتماعهما كالحلاوة والحمرة. فانه على الأول يستصحب عدم تبدل الأصغر بالأكبر. وعلى الثاني يستصحب عدم ترقي الحدث من المرتبة الضعيفة إلى المرتبة القوية. وعلى الثالث يستصحب عدم عروض الأكبر ، فإذا جرى الاستصحاب وثبت بالتعبد الشرعي عدم كونه جنبا شمله قوله سبحانه (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ)(١) ، فان التفصيل بين الجنب وغيره كما هو صريح الآية المباركة قاطع للشركة ، فبضم الوجدان إلى الأصل يكون مأمورا بالوضوء دون الغسل ، فلا مجال حينئذ لاستصحاب بقاء كلي الحدث بعد الوضوء.
والظاهر من عبارة السيد في العروة حيث أفتى في الفرع بوجوب كلا الأمرين من الغسل والوضوء هو فرض كون المكلف متطهرا سابقا وخرج منه البلل المردد. فتحصل : ان استصحاب الكلي في القسم الثاني لا مانع منه إذا رتب عليه أثر شرعا ، غايته لا يثبت به لازمه من حدوث الفرد الطويل ، ولا تترتب آثاره.
ثم انه بناء على القول بطهارة ملاقي بعض أطراف الشبهة المحصورة ربما يجري في استصحاب الكلي إشكال ، لازمه رفع اليد عن أحد أمرين من استصحاب الكلي وطهارة ملاقي بعض أطراف الشبهة. وهذا الإشكال أورده السيد الصدر ، وهو معروف بالشبهة العبائية ، لأنه فرضها في العباء ، وحاصله : انه لو علم بنجاسة أحد طرفي العباء من الأعلى والأسفل ، فطهّر الأعلى ، فصار متيقن الطهارة ، اما لكونه طاهرا من الأول ، واما لطهارته بالغسل واصابته المطر. فإذا لاقى شيء أحد
__________________
(١) المائدة : ٦.