المعدوم بصحّة العود لو تمّ ، لدلّ على أنّه لا يصحّ أصلا حكم من العقل على ما ليس بموجود في الخارج ، مع أنّا نحكم على ما ليس بموجود في الخارج أحكاما صادقة ولا شبهة فيها كقولنا : المعدوم الممكن يجوز أن يوجد ، ومن سيوجد يجوز أن يتعلّم ، واجتماع النقيضين محال ، وشريك البارئ ممتنع ، إلى غير ذلك ممّا لا يعدّ ولا يحصى ، بل قولكم : المعدوم لا يصحّ الحكم عليه ، حكم على ما ليس ؛ بموجود في الخارج بعدم صحّة الحكم عليه.
الثالث المنع ، وهو أن يقال : لا نسلّم أنّه لو صحّ إعادة المعدوم لصحّ الحكم عليه بصحّة العود ، فإنّ امتناع حكم العقل على المعدوم بصحّة العود بكونه لا هويّة له يتصوّرها ليحكم عليها ، لا يستلزم امتناع العود ، لجواز وقوعه بتأثير الفاعل من غير أن يتصوّره متصوّرا أو يحكم عليه بشيء من الأحكام. ولو سلّم فقوله : لكنّ المعدوم ليس له هويّة ثابتة ، إن أراد أنّه ليست له هويّة ثابتة في الجملة أو في الذهن فهو ممنوع ، وإن أراد أنّه ليس له هويّة ثابتة في الخارج فذلك أيضا ممنوع عند المعتزلة القائلين بثبوت المعدوم في الخارج ، فلا يقوم حجّة عليهم ، وأمّا عندنا فمسلّم ، لكن نمنع قوله : فيمتنع الإشارة العقليّة إليه ، لأنّ الإشارة العقليّة لا تتوقّف على الهويّة الخارجيّة ، بل يكفيها الهويّة الذهنيّة ، ولو سلّم أنّها تتوقّف على الهويّة الخارجيّة ، فنقول : إمّا أن يريد أنّه ليس له في زمان من الأزمنة هويّة خارجيّة على معنى دوام السلب ، فذلك أيضا ممنوع ، لأنّ المعدوم في زمان كونه موجودا له هويّة خارجيّة ، وإمّا أن يريد أنّه ليس له هويّة خارجيّة في زمان كونه معدوما لا دائما فذلك مسلّم ، لكن حينئذ نمنع قوله : فيمتنع الإشارة العقليّة ، إلّا أن يريد أنّه يمتنع الإشارة العقليّة إليه في زمان كونه معدوما ، وذلك غير مفيد ، لجواز أن يكون الحكم عليه بصحّة العود في زمان كونه موجودا ، كحكمنا على زيد في زمان وجوده بأنّه يجوز أن يعدم ثمّ يعاد. ـ انتهى كلامه.» (١)
وبيان عدم ورود الإيرادين الأوّلين ظاهر ممّا حقّقناه فيما تقدم فلا نعيده. نعم النقض بقولنا : المعدوم الممكن يجوز أن يوجد ، ومن سيوجد يجوز أن يتعلّم ، وأمثال ذلك ، وارد كما ذكرنا.
وقد أورده المحقّق الدواني أيضا في الحاشية عليه ، عليه ، حيث قال في قوله : لو صحّ
__________________
(١) شرح التجريد : ٧٢.