[بيان ضعف احتجاج القائلين بجواز إعادة المعدوم
على الجواز بالآيات والروايات]
ثمّ إنّه بما ذكرناه هنا مع ما أسلفناه فيما تقدّم يظهر ضعف احتجاج القائلين بجواز إعادة المعدوم على الجواز بالآية والحديث ، كقوله تعالى :
(وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (١)
وقوله تعالى : (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ). (٢)
وقوله تعالى : (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ). (٣)
وأمثال ذلك من الآيات
وكقول عليّ عليهالسلام : «عجبت لمن أنكر النشأة الاخرى وهو يرى النشأة الاولى». (٤)
وأمثاله من الأخبار ، كما وقع لبعض القائلين بالجواز.
أمّا الاحتجاج بالآية الاولى ، فلأنّ الاحتجاج بها عليه ، إنّما هو مبنيّ على أن يكون معنى الأهونيّة في الآية ، هو ما ادّعاه الشارح المذكور تبعا للقائلين بجواز إعادة المعدوم ، وقد عرفت عدم صحّة هذا المعنى ، ومع ذلك فالآية غير صريحة ولا ظاهرة في الأهونيّة بهذا المعنى حتّى يجب تصحيحها ، بل يمكن حملها على معنى آخر لا يكون مؤيّدا للقول بجواز الإعادة ، ولا يكون منافيا أيضا للقول بامتناعها ، وهو حملها ـ والله أعلم ـ على أنّه إذا جاز بدء الخلق وإنشاؤه ابتداءً من غير مادّة وعن لا شيء وإخراجه عن كتم العدم ،
__________________
(١) الروم : ٢٧.
(٢) يس : ٧٩.
(٣) الأعراف : ٢٩.
(٤) نهج البلاغة ، الكلمة ١٢٦ من قصار كلمات أمير المؤمنين عليهالسلام.