صورة أو مبدأ صورة
، لا من حيث هي موجودة مجرّدة ، وليس بشرط في وجودها ، والشيء إذا حدث فلا يفسد
بفساد ما هو شرط في حدوثه ، كالبيت فإنّه يبقى بعد موت البنّاء الذي كان شرطا في
حدوثه ، وربّما يتوّهم منه أنّه حمل اعتراض الإمام على وجهين :
الأوّل من جهة
احتمال كون البدن علّة قابليّة للنفس ، وحاملة لإمكان حدوثها وفسادها.
والثاني من جهة
احتمال كون البدن شرطا بالمعنى المصطلح لحدوث النفس ، فتنتفي هي بانتفائه ، كما هو
شأن الشرط والمشروط به.
وانّه حيث أجاب عن
الاعتراض بالوجه الأوّل كما بيّناه ، شرع في بيان الجواب عنه على الوجه الثاني ،
بأنّه يجوز أن يكون البدن مع هيئة مخصوصة شرطا في حدوث النفس ، وأن لا تفسد بفساد
البدن ، كما في البنّاء والبيت.
وهذا التوهّم باطل
، لأنّ الشرط بالمعنى الخاصّ المصطلح كما سبق بيانه ، هو ما يتوقّف وجود مشروطه
على وجوده ، وينتفي مشروطه بانتفائه ، فكيف يصحّ ادّعاء خلاف ذلك. وأيضا كيف يصحّ
التمثيل المذكور ، فإنّ البنّاء ليس شرطا في وجود البيت ، حيث إنّ التحقيق أنّ
البنّاء ليس شرطا في وجود البيت ، ولا علّة لقوامه ، بل إنّ البنّاء علّة لوجود
حركة خاصّة صادرة منه ، وتلك الحركة علّة معدّة لوجود البيت ، فلذا يبقى البيت بعد
انعدام تلك الحركة بل بعد انعدام ذات البنّاء أيضا ، وإن اجتمع وجوده مع وجوده
أيضا ، لكن لا يجتمع وجوده مع وجود تلك الحركة.
وهذا الذي ذكرناه
موافق لما حقّقه الشيخ في إلهيات الشفاء في فصل في الفرق بين العلل الحقيقية
والعلل بالعرض ، كما يظهر على من راجع إليه.
فعلى هذا فالظاهر
منه أنّه حمل اعتراض الإمام على الوجه الأوّل خاصّة ، وحمل الشرط في كلامه على
ماله مدخل في وجود النفس في الجملة ، وإن كان على سبيل القابليّة لها أو على سبيل
كونه علّة معدّة لها ، فأطلق اسم الشرط على البدن متابعة للإمام في ذلك ، فقال :
إنّ هذا الاشتراط والمدخليّة.
__________________