الاحتمال الثالث
وما نقلناه عنه في الكتابين؟
وأيضا فما معنى
قوله فيما نقلناه عنه في الكتابين ، إنّ حافظ المزاج والتركيب هو النفس؟
وما ذكره في
الاحتمال الثاني من تلك الاحتمالات الثلاثة أنّ المزاج والبدن علّة بالعرض للنفس
كما حقّقه ، وهذا بيان السؤال.
نقل كلام عن المحقّق الطوسي للتمهيد لبيان الجواب
وأمّا بيان الجواب
فيستدعي تمهيد مقدّمة : هي أنّه قال المحقّق الطوسي رحمهالله في ذيل ما نقلنا عن الشيخ في الإشارات آنفا : وقد يرد على
هذا الموضع سؤال مشهور ، وهو أن يقال : إنّكم قلتم : إنّ المركّبات إنّما تستعدّ
لقبول صورها من مبدئها بحسب أمزجتها المختلفة ، ويجب من ذلك تقدّم الأمزجة على تلك
الصور ، والآن تقولون : إنّ النفس التي هي صورة الحيوان جامعة لاسطقساته ، والجامع
للاسطقسات يجب أن يكون متقدّما على المزاج وهذا تناقض.
وأجاب الفاضل الشارح
عن ذلك أنّ الجامع لأجزاء النطفة نفس الوالدين ، ثمّ إنّه يبقى ذلك المزاج في
تدبير نفس الامّ إلى أن يستعدّ لقبول نفس ، ثمّ إنّها تصير بعد حدوثها حافظة له
وجامعة لسائر الأجزاء بطريق إيراد الغذاء.
وقال في رسالته المشتملة على أجوبة مسائل المسعودي :
واعلم أنّ الجامع
لتلك العناصر غير الحافظ لذلك الاجتماع ، ولمّا كتب بهمنيار إلى الشيخ وطالبه
بالحجّة على أنّ الجامع للعناصر في بدن الإنسان هو الحافظ لها فقال الشيخ : كيف
ابرهن على ما ليس ، فإنّ الجامع لأجزاء بدن الجنين هو نفس الوالدين والحافظ لذلك
الاجتماع أوّلا القوّة المصوّرة لذلك البدن ، ثمّ نفسه الناطقة. ثمّ قال : وتلك
القوّة ليست قوّة واحدة باقية في جميع الأحوال ، بل هي قوى متعاقبة بحسب
الاستعدادات المختلفة لمادّة الجنين.
وبالجملة فإذن تلك
المادّة تبقى في تصرّف المصوّرة ، إلى أن يحصل تمام الاستعداد
__________________