فقلت للشّيخ : هو يطلب الموعظة. فقال : هو يحفظ القرآن؟ قلت : نعم. قال : اقرأ معه سورة (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) (١). فقرأنا إلى قوله : (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى) (٢) فقال : إذا علمت فإنّه يراك ، اعرف كيف تكون والسّلام. فانصرف على ذلك.
وكان يقول لطالب الدّعاء والزّيارة : الّذي علم نيّتك يكافئك عليها.
وحدّثني من لا أتمارى فيه خيرا ونبلا قال : وصلت مع أخي في حياة الملك الصّالح ، فتحادثنا في الزّيارات ، وعزمت على زيارة الشّيخ ، وحملت أخي على ذلك ، فعارضني من أصحابنا فلان وفلان بكلام فيه غضاضة في حقّ الشّيخ ، فأنكرت عليهما وبكّرت إلى الشّيخ ، واستغرقت في النّظر إليه وهو عند السّاقية ، ووقفت وإذا بحسّ البغال في خلفي ، فقلت في نفسي : هذا فلان وفلان ، وهما على نية رديئة. وهذا رجل مكاشف.
فما أتممت الخاطر إلّا وغاب الشّيخ عن بصريّ ، فهجمت الغيط ممّا غلب على الحال ، وقلت : لعلّ تحت رجليه غار دخل فيه. فلم أجد شيئا إلّا البطاميّة ، فظننت أنّه انطرح فيها ، فتأمّلتها فلم أر شيئا. فخرجت إلى أولئك وخاصمتهما وحكيت لهما القصّة.
قال المؤلّف : وسنّ الشّيخ نيّف وسبعون سنة. وكان بعضهم يظنّ أنّه في عشر المائة ، وذلك لأنّه من صغره كان يسمّى بالشّيخ.
* * *
آخر ما اخترته من مناقب القبّاريّ ، ويكون خمسة كراريس ، ما ذكر فيها اسم الشّيخ ولا وفاته ولا حليته ، فرحمهالله ورضي عنه آمين.
* * *
__________________
(١) سورة العلق ، أول السورة.
(٢) سورة العلق ، الآية ١٤.