وأجابوا عن نقل اليهود والنصارى عن قتل عيسى عليهالسلام وصلبه : بأن الله تعالى ألقى صورة عيسى عليهالسلام على إنسان آخر فلهذا السبب حصلت هذه الشبهة.
وأجابوا عن ادعاء المجوس والمانوية ظهور المعجزات على «زردشت» و «ماني»] بأن قالوا : النبوة متفرعة على معرفة الإله ، و «زردشت» و «ماني (١)»] أثبتا للعالم إلهين. وهذا من أعظم أنواع الكفر. والكافر يمتنع ظهور المعجزات على يده.
ثم أجاب القائل عن هذه الأجوبة : فقال : أما قولكم : إنه قل عدد اليهود في زمان «بخت نصر» فنقول : لما جاز هذا ، فلم لا يجوز مثله في جميع أنواع التواتر؟ فإن قالوا : لو وقع ذلك لاشتهر ، لأن الوقائع العظيمة يجب اشتهارها ، بدليل : أنه لما حصلت هذه الواقعة في دين اليهود ، اشتهرت فيما بين الخلق. قلنا : لا نزاع في أن هذه الوقائع العظيمة قد تشتهر. فأما دعوى أنه يجب اشتهارها فهذا غير واجب. والدليل عليه من وجوه :
الأول : إن معجزات محمد عليهالسلام. مثل : انفجار الماء من بين أصابعه ، وإشباع الخلق الكثير من الطعام القليل ، وانقلاع الشجرة من أصلها ، وانشقاق القمر ، وكلام الذئب : وقائع عظيمة [متعالية جدا ، ولم يحدث (٢)] هناك مانع يمنع من نقلها ، مع أنه لم يرو هذه الوقائع إلا الواحد والاثنان. فثبت : أن قولكم : إن الوقائع العظيمة يجب نقلها : ضعيف.
الثاني : إن شعائر الصلوات كانت ظاهرة بادية مدة ثلاثة وعشرين سنة ، ثم إنها ما نقلت كما ينبغي ، فإنهم اختلفوا في كون الإقامة مثناة أو فرادى ، واختلفوا في قراءة (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) واختلفوا في سائر الشرائط.
__________________
(١) من (ط).
(٢) من (ل) ، (ط).